العالم

مصر بين معادلات الردع الاقليمي وارتدادات الموقف الدولي

تشهد المنطقة لحظة حساسة حيث تتقاطع خطوات عسكرية ودبلوماسية وسياسية تعيد رسم خريطة الصراع. مصر اعلنت نشر منظومات دفاع جوي صينية متطورة في سيناء، في خطوة تحمل ابعادا تتجاوز الجانب العسكري البحت. الرسالة المصرية واضحة: القاهرة لن تقبل بفرض وقائع جديدة على حدودها ولن تسمح بانزلاق أي سيناريو قد ينتهي بتهجير الفلسطينيين الى اراضيها.

هذه الخطوة تزامنت مع قرار اسبانيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، وهو تطور يعكس اتساع الهوة بين تل ابيب وقطاعات متزايدة من المجتمع الدولي الغربي. القرار الاسباني لا يقتصر على كونه احتجاجا رمزيا، بل يمثل بداية اصطفاف سياسي جديد قد يشجع عواصم اوروبية اخرى على اتخاذ مواقف مشابهة، ما يزيد عزلة اسرائيل.

في المقابل، اظهر الهجوم الاسرائيلي الاخير على وفد قيادي من حركة حماس في قطر حجم التوتر مع الدوحة، في وقت تستضيف فيه العاصمة القطرية القمة الاسلامية الطارئة. استهداف قطر في هذا التوقيت يحمل دلالة سياسية خطيرة، اذ تحاول اسرائيل توجيه رسالة مزدوجة: اولا الضغط على الدوحة لوقف دعمها لحماس، وثانيا ارباك الاجواء قبيل القمة الاسلامية التي من المتوقع ان تخرج بمواقف موحدة ضد العدوان.

القمة التي تعقد في الدوحة تتحول الى منصة لبلورة موقف اسلامي جامع. فالدول المشاركة تبحث صياغة استراتيجية تتجاوز بيانات الادانة التقليدية، نحو آليات ضغط اقتصادية ودبلوماسية حقيقية. وهنا تبرز معادلة جديدة: كلما ازدادت عزلة اسرائيل خارجيا، كلما تحركت القاهرة لتعزيز قدراتها داخليا، في حين تسعى الدوحة لقيادة موقف جماعي اسلامي يعيد التوازن للمعادلة الاقليمية.

في المحصلة، ما يجري اليوم يعكس انتقال المنطقة الى مرحلة اكثر تعقيدا. مصر تركز على ردع اي تهديد مباشر، اسبانيا تقود خطا سياسيا جديدا في اوروبا، قطر تستضيف قمة قد تعيد تعريف الموقف الاسلامي، بينما اسرائيل تراهن على سياسة الهجمات الاستباقية. التقاء هذه المسارات يفتح الباب امام مشهد اقليمي مرشح لمزيد من التصعيد، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح نافذة لاعادة صياغة التوازنات في الشرق الاوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى