
فتحت النيابة العامة بمدينة صفرو ملفا جديدا يتعلق بانتحال صفة صحافي، بعد أن أحالت مصالح الأمن شخصين على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، أحدهما شقيق رئيس جماعة محلية، بتهم تتعلق بنشر ادعاءات كاذبة والتشهير، وهي القضية التي أعادت إلى الواجهة النقاش حول الفوضى التي تعرفها الساحة الإعلامية المحلية في عدد من المدن المغربية.
ووفق المعطيات المتوفرة، فقد قررت النيابة العامة متابعة المعنيين بالأمر في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 15000 درهم لكل واحد منهما، بعدما وجهت لهما تهم “انتحال صفة منظمة قانونا” و“توزيع ادعاءات كاذبة بقصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم”. وتأتي هذه المتابعة على خلفية شكاية تقدمت بها مؤسسة جامعية تتهمهما بالترويج لأخبار ووقائع غير صحيحة أضرت بسمعتها.
لكن ما يلفت الانتباه في هذه القضية ليس فقط التهمة ذاتها، بل السياق الذي تأتي فيه، إذ باتت ظاهرة “الصحافة المزيفة” تتفاقم في مدن عدة، خاصة على مستوى المنصات المحلية ومواقع التواصل، حيث يسهل على أي شخص أن يتحول إلى “صحافي” دون تكوين ولا ترخيص ولا التزام بأخلاقيات المهنة.
هذا الانفلات الإعلامي، كما يسميه بعض المتتبعين، خلق نوعا من الفوضى في المشهد المحلي، وأتاح المجال لابتزازات وممارسات تسيء إلى الصحافة الجادة، وتستغل ثقة المواطنين في الإعلام لإنتاج محتوى يقوم على الشائعات والتشهير بدل التحقيق والنقد المسؤول.
ويطرح هذا الملف من جديد سؤال ضبط المجال الإعلامي المحلي، خاصة مع توسع ما يعرف بـ“الصحافة الفيسبوكية”، التي تتحرك دون ضوابط قانونية واضحة، وتستغل الفضاء الرقمي لأغراض شخصية أو سياسية. وهو ما يدفع إلى التفكير في مراجعة شاملة للإطار التنظيمي للصحافة الإلكترونية، بما يضمن حرية التعبير من جهة، ويمنع التسيب والابتزاز باسمها من جهة أخرى.
قضية صفرو، وإن بدت في ظاهرها نزاعا قانونيا محدودا، إلا أنها تعكس عمق أزمة الثقة في المشهد الإعلامي المحلي، وتكشف الحاجة الملحة إلى ترسيخ أخلاقيات المهنة وإعادة الاعتبار للصحافي الحقيقي باعتباره صوتا للرأي العام لا وسيلة لتصفية الحسابات.




