بقلم: إدارة صفروبريس
تختزن مدينة صفرو المغربية، الواقعة على سفح جبال الأطلس المتوسط، إرثاً تاريخياً وطبيعياً فريداً يجعلها مرشحةً بقوة لتصبح وجهة سياحية عالمية. لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب استراتيجية مدروسة تعتمد على توظيف مواردها المتنوعة ومواكبة التوجهات الحديثة في صناعة السياحة. فما هي السبل التي يمكن أن تجعل من صفرو مدينة سياحية بامتياز؟
1.استثمار الإرث التاريخي والثقافي
تعتبر صفرو واحدة من أقدم المدن المغربية، حيث يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي، وتضم آثاراً تعكس تعاقب الحضارات الرومانية والإسلامية، مثل أسوار المدينة العتيقة، وباب المقام، والمسجد الكبير الذي ذكره الحسن الوزان في كتابه “وصف أفريقيا” . بالإضافة إلى ذلك، تشتهر المدينة بـ”مهرجان حب الملوك” (الكرز)، الذي أدرجته اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي عام 2012 .
لتعزيز الجذب السياحي، يجب ترميم المواقع الأثرية وإنشاء متاحف تفاعلية تعرض تاريخ المدينة، وتنظيم جولات إرشادية تروي حكايات التعايش بين اليهود والمسلمين والأمازيغ الذين شكلوا نسيجها الاجتماعي .
كما يمكن تحويل المهرجان السنوي للكرز إلى حدث دولي يجمع بين العروض الفنية والأسواق التراثية، مما يعزز الهوية الثقافية ويجذب السياح .
- التركيز على السياحة البيئية والمغامرات
تلقب صفرو بـ”حديقة المغرب” نظراً لغناها الطبيعي، حيث تكسوها الأشجار، وتجري فيها مياه وادي أكاي التي تشكل شلالات خلابة . هذا التنوع يجعلها وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمغامرات.
يمكن تطوير مسارات للتنزه بين الحدائق والغابات، وإنشاء مناطق للتخييم بالقرب من الشلالات. كما أن موقعها الجغرافي بين جبال الأطلس يتيح فرصاً لرياضات التسلق وركوب الدراجات الجبلية .
ومن المهم أيضاً تعزيز السياحة المستدامة عبر حماية الموارد المائية والحد من التلوث، بما يتوافق مع التوجهات العالمية نحو السياحة المسؤولة .
- البنية التحتية والخدمات السياحية
لا تكتمل أي استراتيجية سياحية دون بنية تحتية قوية. تحتاج صفرو إلى تطوير فنادق تتناسب مع طبيعتها الجبلية، مثل منتجعات بيئية صغيرة تستخدم مواد بناء محلية، وتقديم خدمات ضيافة تعكس التراث المحلي، كتوفير أطباق تقليدية من الكرز أو الأزرار الحريرية (العقاد) التي تشتهر بها المدينة .
كما يجب تحسين وسائل النقل الداخلي، مثل إنشاء حافلات سياحية تربط بين المعالم الرئيسية، وتطوير تطبيقات ذكية توفر خرائط تفاعلية ومعلومات بلغات متعددة .
- التسويق الإبداعي والشراكات
يجب تسليط الضوء على صفرو عبر حملات تسويقية مبتكرة، مثل استخدام الواقع الافتراضي لعرض تجارب افتراضية لزيارة الشلالات أو المشاركة في مهرجان الكرز . كما يمكن التعاون مع الصحافة لنشر قصص مصورة عن جمال المدينة، مع التركيز على جمهور السياح المهتمين بالثقافة والطبيعة .
على الصعيد الدولي، يمكن لصفرو الاستفادة من خطة المغرب 2025 لجذب السياح، والتي تهدف إلى زيادة عدد الرحلات الجوية وتعزيز التسويق الرقمي . كما أن تنظيم فعاليات رياضية أو فنية صغيرة قد يسهم في جذب اهتمام إعلامي.
- 5. تمكين المجتمع المحلي
السياحة الناجحة تعتمد على إشراك السكان في صنع القرار وتحقيق المنفعة المادية. يمكن تدريب الشباب بمدينة صفرو على مهن سياحية مثل الإرشاد أو الحرف اليدوية، ودعم تعاونيات نسائية لإنتاج الأزرار الحريرية التي تشكل رمزاً لصفرو . بالإضافة إلى ذلك، تشجيع السياحة المجتمعية عبر إقامة السياح في منازل محلية، مما يوفر تجربة أصيلة ويعزز التبادل الثقافي، كما يجب إعادة مهرجان حب الملوك إلى كنف المجتمع المدني كما كان لـ 99 سنة خلت.
الخلاصة: نحو مستقبل سياحي واعد
صفرو ليست مجرد مدينة عريقة، بل هي لوحة فنية تجمع بين التاريخ والطبيعة والثقافة. لتحقيق طموحها كوجهة سياحية متميزة، تحتاج إلى خطة متكاملة تعتمد على:
– الاستثمار في التراث عبر الترميم والتوثيق.
– الابتكار في الخدمات لتحسين تجربة الزوار.
– التسويق الذكي لجذب السياح من مختلف الفئات.
– الشراكة مع الجهات المحلية والدولية لضمان الاستدامة .
بذلك، يمكن لصفرو أن تتحول من “الجنة المخفية” إلى وجهة سياحية يفتخر بها المغرب والعالم.