مدغشقر بين صدمة العنف وضغوط المساءلة الدولية

شهدت مدغشقر خلال الايام الاخيرة احداثا دامية بعد المظاهرات المناهضة للحكومة التي خلفت مقتل 22 شخصا واصابة اكثر من مئة آخرين. هذه الحصيلة الثقيلة اعادت الى الواجهة اسئلة حادة حول طريقة تعامل السلطات مع الاحتجاجات الشعبية، كما فتحت الباب امام دعوات دولية متصاعدة تطالب بالمحاسبة وضمان احترام حقوق الانسان.
الامم المتحدة عبرت بشكل صريح عن قلقها، داعية الى تحقيق مستقل يحدد المسؤوليات ويضع حدا لافلات المتورطين من العقاب. كما شددت على ضرورة حماية حرية التعبير والتجمع السلمي باعتبارهما ركيزتين اساسيتين لاي مسار ديمقراطي. هذه الرسالة الاممية تحمل في طياتها ضغطا واضحا على الحكومة التي تجد نفسها اليوم امام اختبار صعب بين خيار التهدئة وخيار التصعيد.
من الناحية السياسية، تعكس المظاهرات عمق الازمة الداخلية التي تعيشها البلاد، حيث تتراكم التحديات الاقتصادية والاجتماعية وسط اتهامات للسلطة بالعجز عن الاستجابة لمطالب المواطنين. فارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع فرص العمل يزيدان من حدة الغضب الشعبي، بينما تستمر الانقسامات داخل الطبقة السياسية في تعطيل اي مسار اصلاح حقيقي.
في المقابل، يشكل العنف المفرط في التعامل مع المظاهرات خطرا مضاعفا، اذ لا يؤدي فقط الى خسائر بشرية جسيمة بل يضع شرعية النظام موضع تساؤل داخليا وخارجيا. فالمجتمع الدولي اصبح اكثر حساسية تجاه مثل هذه الاحداث، خاصة في ظل تزايد الاهتمام بحقوق الانسان في القارة الافريقية.
امام هذه التطورات، تبدو مدغشقر في مفترق طرق حاسم. فاما ان تستجيب السلطة للمطالب بالتحقيق والمحاسبة وتفتح باب الحوار مع المعارضة والمجتمع المدني، واما ان تمضي في خيار القمع بما قد يقود البلاد الى مزيد من عدم الاستقرار والعزلة الدولية. وفي كلتا الحالتين، يبقى السؤال الاكبر مطروحا: هل تستفيد النخبة الحاكمة من دروس الماضي وتمنح شعبها فرصة لبناء مسار سياسي اكثر شفافا وعدلا، ام تكرر سيناريوهات العنف التي لا تجلب سوى الازمات المتكررة؟




