المغرب

مجلس مراكش بين الفوضى والعجز عن تحمل المسؤولية

تحولت دورة المجلس الجماعي بمراكش الى مشهد فوضوي اشبه بحمام شعبي، حيث غابت لغة الحوار وحضرت الصراخ والمزايدات، حتى اضطرت العمدة فاطمة الزهراء المنصوري الى التهديد بتعليق الجلسة بعد ان فقدت السيطرة على النقاش.

المشهد كان صادما، ليس فقط لانه يعكس مستوى متدنيا من النقاش داخل مؤسسة منتخبة، بل لانه يفضح عمق الازمة التي يعيشها العمل الجماعي في المغرب. فمن المفترض ان يكون المجلس فضاء لتبادل الافكار واتخاذ القرارات لخدمة المدينة وساكنتها، لا ساحة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية.

ان ما جرى في مراكش ليس حادثا معزولا، بل هو انعكاس لواقع سياسي مأزوم، حيث يختلط التدبير بالمصالح، وتتغلب الحسابات الانتخابية على المصلحة العامة. واذا كان هذا هو حال المنتخبين الذين يفترض ان يسهروا على تسيير الشأن المحلي، فكيف نطمح الى حل ازمات الصحة والتعليم والسكن والتشغيل؟

المنصوري قد تهدد بتعليق الجلسة، لكن ما يحتاج التعليق فعلا هو هذا الاسلوب العقيم في ممارسة السياسة. فالمغاربة سئموا من المشاهد المسرحية التي لا تنتج سوى المزيد من الاحباط. المطلوب اليوم هو الارتقاء بالنقاش العمومي الى مستوى التحديات الحقيقية التي تواجه المواطن، لا تحويل المجالس الى مسرح للعبث.

حين يعجز المجلس الجماعي عن تدبير جلسة واحدة بجدية، فكيف يمكنه تدبير مدينة بحجم مراكش بكل ما تعانيه من مشاكل عمرانية واجتماعية؟ الجواب واضح والمؤشرات مقلقة. السياسة المحلية تحتاج الى مسؤولين يضعون الصالح العام فوق المصالح، والى وعي جماعي بان خدمة المواطن لا تمر عبر الصراخ، بل عبر الكفاءة والنزاهة والعمل الميداني.

ما وقع في مراكش ليس مجرد لحظة توتر عابرة، بل جرس انذار حقيقي حول تدهور الخطاب السياسي وغياب ثقافة التسيير المسؤول. والى ان يدرك المنتخبون انهم هناك لخدمة الناس لا لتمثيل مسرحية، ستبقى الدورات الجماعية عنوانا للفوضى بدل التنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى