بقلم: أمينة أوسعيد
ربما هذا هو الجزء الأصعب في الرحلة.. وكل ما سبق كان مجرد توطئة وتمهيد لهذه المرحلة.. أدعوك عزيزي المريض إلى ربط حزام الصبر فهو أكثر شيء سوف تتكأ عليه لتعبر هذا المحنة بسلام.. اليوم هو موعد إجراء العملية.. ستطرق كالعادة الممرضة المناوبة في الصباح باب غرفتك وستحمل معها لباسا شفافا هو اللباس الذي يرتديه المرضى عادة قبل ولوج غرفة العمليات.. وستطلب منك الامتناع عن الأكل والشرب تفاديا لأي مشاكل أثناء عملية التخدير.. سيلتهمك الخوف كوجبة خفيفة بمجرد رؤية هذا اللباس وتوقن أنك على بعد خطوات من الاستسلام التام لمشرط الطبيب وما عليك سوى التسليم بالأمر الواقع.. حتى وإن طلبت منك أن تفكر في أشياء إيجابية والاحتفاظ برباطة جأشك فإنك لن تفعل.. وستضرب نصيحتي هذه عرض الحائط وأنا أعذرك صراحة.. لكن ضع نصب عينيك حقيقة واحدة وبقناعة راسخة.. أن ألم لحظات سيخلصك من ألم ظل ينخر جسدك لسنوات..
على كرسي متحرك ستنقلك الممرضة نحو غرفة العمليات.. مع كل حركة تدورها عجلات الكرسي ستدور معها آلاف الأفكار في رأسك.. لكن هذا لن يطول.. لقد وصلت لغرفة العمليات الآن وعليك أن تواجه ما ينتظرك كبطل شجاع.. سيحاول عقلك استيعاب المكان وتفاصيله الكثيرة.. معدات على الارض… طاولة تضم مقصات مختلفة الأشكال.. قبل أن تكمل عملية المسح ستطلب منك الممرضة أن تتمدد فوق سرير بالكاد يتسع لجسمك.. وتمنحها يدك اليسرى لقياس ضغطك.. ثم تقوم بإدخال إبرة تبلغ بضع سنتيمترات في وريدك.. لا تقلق ستصاب بتبلد المشاعر ولن تشعر بالألم.. على يمينك طبيب التخدير.. هو بدوره سيطلب منك أن تصبر لبضع وخزات وسيقوم بسحب أحد عروق معصمك.. صدقني لن تشعر بالألم.. مباشرة سيخاطبك طبيب آخر عند رأسك.. سيضع قناع التنفس على وجهك ويطلب منك الاستنشاق مرة.. مرتين ثم بعدها أنت في عالم آخر.. سأدعك تلتقط أنفاسك التي سقطت بين حروف هذا المقال.. ثم أعود لختام الرحلة معك في جزء أخير..