قطاع الصحة بالمغرب: موعد طبي بعد سنتين وثمانية أشهر

تعود من جديد قضية مواعيد المستشفيات العمومية بالمغرب لتثير موجة من الغضب والاستنكار، بعدما جرى تداول وثيقة لموعد طبي مستعجل أعطي لمواطنة بمدينة تازة، حدد تاريخه في أبريل 2027، أي بعد سنتين وثمانية أشهر من اليوم.
هذا المشهد ليس حالة معزولة، بل صار يعكس أزمة بنيوية في قطاع الصحة العمومية، حيث يتحول الموعد المستعجل إلى نكتة سوداء تكشف مدى العجز في تدبير المرافق الصحية، وغياب حكامة حقيقية تضع المواطن في صلب الأولويات. كيف يمكن لمريض في حالة استعجال أن ينتظر سنوات كاملة من أجل إجراء فحص بالسكانير؟ أليس ذلك حكما بالإعدام البطيء على المرضى الذين لا يملكون ثمن العلاج في القطاع الخاص؟
الوثيقة المسربة أعادت إلى الأذهان شعارات متكررة من قبيل “إصلاح المنظومة الصحية” و“تقريب الخدمات الطبية من المواطنين”، لكن الواقع يقول العكس تماما. الأرقام المعلنة عن الميزانيات والاستراتيجيات لا تجد ترجمتها على أرض الواقع، بل تقابل بصفوف انتظار طويلة، وقاعات مكتظة، وأجهزة شبه معطلة أو محدودة الطاقة الاستيعابية.
هذا الوضع يعكس فجوة عميقة بين الخطاب الرسمي وتجربة المواطن اليومية. ففي الوقت الذي يتم الترويج لمشاريع كبرى في قطاع الصحة، يظل المواطن البسيط عاجزا عن الولوج إلى أبسط الخدمات، ما يرسخ الإحباط ويفتح الباب أمام فقدان الثقة في المؤسسات.
إن ما وقع في تازة ليس مجرد حادثة إدارية عابرة، بل هو ناقوس خطر يفرض إعادة النظر جذريا في كيفية تدبير الموارد البشرية واللوجستية داخل القطاع، وضمان عدالة في توزيع المعدات الطبية، حتى لا يبقى الحق في العلاج مجرد امتياز للأغنياء.