احتضن مسرح محمد الخامس الوطني بالرباط قبل قليل حدثاً مهما في مسيرة كرة القدم الإفريقية، مع الإعلان عن نتائج قرعة كأس الأمم الإفريقية 2025 التي ستستضيفها المغرب بين دجنبر 2025 ويناير 2026.
الحفل الذي شهد حضوراً لامعاً من نجوم الكرة والقارة، رسم ملامح المنافسة المنتظرة عبر تقسيم 24 منتخباً إلى ست مجموعات، في خطوة تُعتبر بداية الطريق نحو تتويج جديد على أرض المملكة.
أسفرت القرعة عن توزيع المنتخبات في مجموعات جمعت بين التوازن النسبي والمفاجآت غير المتوقعة. المجموعة الأولى ضمت المغرب (المضيف) إلى جانب مالي وزامبيا وجزر القمر، حيث يُتوقع أن يستفيد “أسود الأطلس” من دعم الجمهور، لكن مواجهته مع مالي قد تُشكل تحدياً حقيقياً. في المجموعة الثانية، وضعت مصر مع جنوب إفريقيا وأنغولا وزيمبابوي، في مجموعة تُعتبر من الأصعب بسبب الصراع المتوقع بين الخبرة المصرية وطموح جنوب إفريقيا بعد أدائها القوي في النسخة الماضية.
أما المجموعة الثالثة، فتألّفت من نيجيريا وتونس وأوغندا وتنزانيا، مع توقعات بمنافسة محتدمة بين العملاقين النيجيري والتونسي. في المقابل، جمعت لمجموعة الرابعة بين السنغال (بطل 2021) والكونغو الديمقراطية وبنين وبوتسوانا، حيث قد تواجه السنغال تحدياً من الكونغو التي أظهرت تطوراً لافتاً في السنوات الأخيرة.
ظهرت المجموعة الخامسة بمشاركة الجزائر وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية والسودان، مع ترجيحات قوية لصالح الجزائر للصدارة، لكن بوركينا فاسو قد تُقلب الموازين. فيما سادت المفاجأة في المجموعة السادسة التي ضمت ساحل العاج والكاميرون والغابون وموزمبيق، مما أطلق عليها لقب “مجموعة الموت” بسبب المواجهات التاريخية بين ساحل العاج والكاميرون.
لا يخلو المشهد من التحديات الكبيرة للمنتخبات المرشحة. المغرب، الذي سيكون تحت الضغط ومطالبا بالفوز في يلده.
كما أن مواجهة الكاميرون وساحل العاج في المجموعة السادسة ستُعيد إشعال التنافس التاريخي بينهما، بينما تسعى مصر لاستعادة مكانتها عبر تجاوز مجموعة صعبة بقيادة مدربها الجديد.
من جهة أخرى، تُعد هذه البطولة محطة استراتيجية للمغرب، ليس فقط لتعزيز مكانتها الكروية، بل أيضاً لتأكيد جدارتها التنظيمية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال. وقد أشاد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بالجهود المغربية في تطوير البنية التحتية، مما يعكس ثقة القارة في قدرة المملكة على تقديم نسخة استثنائية.
تنطلق المنافسات في 21 ديسمبر 2025 بمباراة افتتاحية تجمع المغرب بجزر القمر في الرباط، بينما يُتوقع أن تشهد الأدوار الإقصائية معارك شرسة، خاصة مع تأهل أفضل أربعة فرق ثالثة بالإضافة إلى صاحبي المركزين الأول والثاني من كل مجموعة. النهائي المقرر في 18 يناير 2026 سيكون تتويجاً لمسارٍ طويل، حيث تسعى جميع الفرق لكتابة تاريخ جديد على أرض الرباط، المدينة التي حوّلت نفسها إلى ملتقى للثقافة والرياضة الإفريقية.
هكذا، تتحول القرعة من مجرد حدث تقني إلى لحظة ثقافية تجسد وحدة القارة السمراء عبر كرة القدم، فيما ينتظر العالم شعلة المنافسة التي ستُشعلها المغرب، بلد التناقشات الساحرة والطموحات اللامتناهية.
