
شهدت مدينة فاس صدور حكم قضائي في واحدة من القضايا التي أثارت جدلا واسعا، حيث تمت إدانة رئيس سابق لجمعية خيرية ومنتمي لحزب الاصالة والمعاصرة بسنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم، وذلك بعد متابعته بتهم اختلاس أموال المؤسسة والتلاعب بمداخيلها عبر محررات رسمية وإدارية مزورة.
القضية المعروفة إعلاميا بفضيحة الجمعية الخيرية تحولت إلى عنوان صارخ على هشاشة الحكامة داخل عدد من المؤسسات، إذ أظهرت كيف يمكن أن ينقلب العمل الخيري من وسيلة لدعم الفئات الهشة إلى أداة للإثراء غير المشروع.
الحكم الصادر يعكس إرادة القضاء في مواجهة هذه التجاوزات، لكنه في الآن ذاته يطرح سؤالا أعمق: كيف استشرى الفساد إلى هذا الحد داخل المنظمات التي يفترض أن تكون رمزا للنزاهة والتضامن؟ الحقيقة أن الفساد لم يعد مجرد انحرافات فردية، بل أصبح بنية متجذرة تتغذى من ضعف الرقابة وثقافة الإفلات من العقاب.
عندما يورط عضو حزبي في مثل هذه الممارسات، فإن صورة العمل السياسي تتضرر بشدة، ويترسخ لدى المواطنين شعور بعدم الثقة في المؤسسات والجمعيات وحتى الفاعلين المدنيين. لذلك، فإن هذه الواقعة يجب أن تكون جرس إنذار قوي يفرض إعادة النظر في طرق التسيير، وتمكين آليات المراقبة والمحاسبة من صلاحيات أكبر.
إن صدور حكم السجن والغرامة المالية ليس سوى خطوة أولى، أما المعركة الحقيقية فهي في اجتثاث الفساد من جذوره وإعادة الاعتبار لقيم الشفافية والمسؤولية حتى تستعيد المؤسسات دورها الطبيعي في خدمة الصالح العام.