
تعيش مدينة فاس على وقع فضيحة مالية مدوية، بعد تفكيك شبكة منظمة تنشط في تزوير الفواتير والتهرب الضريبي، تضمّ بين صفوفها محاسبين معتمدين وسماسرة ومستخدمين، كانت تدير عمليات احتيال واسعة شملت مؤسسات وشركات من قطاعات مختلفة.
وحسب معطيات دقيقة حصلت عليها السلطات القضائية، فإن الشبكة كانت تُصدر فواتير وهمية بمبالغ ضخمة لصالح مقاولات صورية أو شركات حقيقية متورطة، من أجل تبرير مصاريف وهمية، والتهرّب من الأداءات الضريبية، أو تضخيم التكاليف المحاسباتية لتقليص الأرباح المصرّح بها لدى إدارة الضرائب.
العملية التي أشرفت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، جاءت بعد شهور من التحريات الدقيقة، ومراقبة الحسابات البنكية والمعاملات التجارية، حيث تم توقيف 16 شخصًا من المتورطين، بينهم ثلاثة محاسبين معروفين، إضافة إلى وسطاء كانوا يتكفلون بتجنيد الزبائن الراغبين في “تنظيف سجلاتهم” أو “تصريف الفواتير” مقابل عمولات.
وتتحدث مصادر قضائية عن تورط شركات عقارية وخدماتية في استخدام هذه الفواتير المزورة من أجل تسوية ملفات ضريبية أو تضليل السلطات الرقابية، ما يُرجّح أن الملف مرشح لأن يكشف عن امتدادات أكبر تشمل موظفين في الإدارات العمومية أو متواطئين داخل شبكات بنكية.
وقد تقرر إحالة المتهمين على أنظار النيابة العامة، التي فتحت تحقيقًا موسعًا بتهم تتعلق بـ”تكوين عصابة إجرامية، التزوير واستعماله، التهرب الضريبي، وتبييض الأموال”، وسط ترقب للرأي العام المحلي لمآلات هذا الملف الحساس.
وتُعتبر هذه القضية من أكبر فضائح التزوير التي تُسجّل في جهة فاس–مكناس خلال السنوات الأخيرة، وتفتح مجددًا ملف “الأمان المحاسبي” ومراقبة المهنة، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بتشديد الرقابة على مكاتب المحاسبة وإصلاح نظام الفوترة الرقمية.