العالمعين على التكنولوجيا

فتاة فرنسية بذاكرة لا تمحى تذهل العلماء وتفتح أسئلة جديدة حول قدرات الدماغ

في السابعة عشرة من عمرها، خطفت فتاة فرنسية أنظار العلماء بقدرتها النادرة على استحضار كل تفاصيل حياتها، من مواقف يومية عابرة إلى أحداث شخصية مؤثرة. ذاكرة هذه الفتاة تعمل كما لو كانت آلة تصوير تسجل كل لحظة وتعيدها متى أرادت، في حالة طبية نادرة تعرف بـ “فرط التذكر الذاتي”.

هذا الاضطراب يجعل الذكريات لا تختفي ولا تتلاشى، بل تتحول إلى أرشيف حيّ داخل الذهن يمكن استدعاؤه بدقة مذهلة. فمن طفولتها الأولى إلى يومها الحاضر، تتذكر الفتاة تسلسل الأحداث وكأنها تُعرض أمامها مشهدا تلو الآخر. الأمر لا يقف عند حد التخزين، بل يشمل أيضا تصنيف ذكرياتها داخل “غرف وخزائن متخيلة”، تجعلها قادرة على تنظيم مشاعرها وفصل المؤلم منها عن الممتع.

المثير أن هذه القدرة تتيح لها أيضا الانتقال ذهنيا بين الماضي والمستقبل، إذ تستطيع تخيل أحداث مستقبلية بنفس التفاصيل والدقة، وهو ما يؤكد قوة الارتباط بين الذاكرة وصياغة أحلام الإنسان. هذه الظاهرة الاستثنائية تطرح أمام العلماء تساؤلات عميقة حول آليات الدماغ: هل هي هبة جينية نادرة؟ أم مهارة مكتسبة يمكن تطويرها؟

قصتها أعادت طرح سؤال قديم بصياغة جديدة: هل قوة الذاكرة نعمة أم نقمة؟ فمن جهة تمنح صاحبها قدرة غير عادية على التعلم والتحكم في المشاعر، ومن جهة أخرى قد تثقل كاهله بتفاصيل يصعب التخلص منها.

العلماء ما زالوا يبحثون في أعماق الدماغ لفهم هذا اللغز، وكل اكتشاف جديد يقربهم من رسم خريطة أوضح لعلاقة الذاكرة بالإبداع والتحكم الذاتي. ومع ذلك يبقى السؤال مفتوحا: هل يمكن للبشرية أن تستثمر يوما هذه القدرة النادرة لتطوير مهارات الإنسان، أم ستظل مجرد حالة استثنائية تثير الدهشة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى