فاجعة طنجة.. إهمال وتراخ يكشفان هشاشة الرقابة على مؤسسات الطفولة المبكرة

هزت مدينة طنجة مجددا على وقع فاجعة إنسانية مؤلمة، بعدما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة تظهر تعنيف رضيعة داخل إحدى الحضانات بمنطقة بئر الشيفا، ما أدى إلى وفاتها لاحقا نتيجة نزيف داخلي حاد. الحادثة لم تكن مجرد واقعة فردية، بل جرس إنذار جديد يفضح هشاشة الرقابة وضعف الإجراءات الوقائية داخل العديد من مؤسسات الطفولة المبكرة في المغرب.
الفيديو المتداول كشف تفاصيل مروعة: طفلة لا يتجاوز عمرها ثماني سنوات تكلف برعاية رضع داخل الحضانة، قبل أن تقدم على رمي إحدى الرضيعات أرضاً ورفسها بطريقة عنيفة، في غياب تام لأي إشراف تربوي أو مراقبة مهنية. كيف يمكن أن تترك حياة أطفال رضع بين أيدي طفلة؟ وكيف يمكن لمؤسسة يفترض أن تكون فضاء آمنا أن تتحول إلى مسرح مأساوي بهذا الشكل؟
التحقيقات الأولية أوضحت أن الفتاة القاصر كانت تتواجد بالحضانة في إطار برنامج دعم لغوي، فيما تم وضع صاحبة المؤسسة والمستخدمة تحت تدابير الحراسة النظرية لتعميق البحث حول المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة. لكن أبعد من ذلك، تبقى الأسئلة الكبرى مطروحة حول منظومة الترخيص والمراقبة، وحول مدى احترام هذه المؤسسات للمعايير القانونية والتربوية المفروضة لضمان سلامة الأطفال.
المأساة لا تكمن فقط في الفعل الإجرامي ذاته، بل في مناخ التساهل الذي سمح بحدوثه. فالإهمال الإداري والرقابي في قطاع حساس كالتربية المبكرة صار خطرا حقيقيا يهدد حياة الأبرياء، في وقت تتزايد فيه الحضانات الخاصة بشكل غير منظم، وغالبا دون توفرها على الأطر المؤهلة أو البنية التحتية الملائمة.
هذه الحادثة المؤلمة تضع الجهات الوصية أمام مسؤولية تاريخية لإعادة النظر في نظام المراقبة، وفرض شروط صارمة في التشغيل والتكوين، مع تعزيز المتابعة الدورية لهذه الفضاءات. فحقوق الأطفال لا يمكن أن تظل رهينة الإهمال، ولا ينبغي أن تبقى سلامتهم مسألة ثانوية في حسابات الربح والمصالح.
فاجعة طنجة ليست مجرد حادث عرضي، بل مرآة تعكس خللا عميقا في التعامل مع الطفولة في بلادنا. آن الأوان لوضع حد لثقافة التساهل، لأن الإهمال حين يتعلق بالأطفال، لا يغتفر.




