المغرب

عمر هلال في الامم المتحدة.. المغرب يرسخ الدبلوماسية الهجومية ويكشف مأزق الخطاب الانفصالي

في كلمته امام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للامم المتحدة، اعاد السفير عمر هلال تأكيد الموقف الثابت للمغرب من قضيته الوطنية الاولى، ليس كاعادة تكرار لخطاب مألوف، بل كعرض متجدد لنجاعة الدبلوماسية المغربية وقدرتها على تحويل النقاش الاممي حول الصحراء من زاوية النزاع المفتعل الى منطق التنمية والاستقرار الاقليمي. فالمغرب، كما قال هلال، لم يعد يكتفي بالدفاع، بل بات يمارس دبلوماسية هجومية قائمة على المبادرة، تفكك خطاب خصوم الوحدة الترابية بالحجج القانونية والتنموية، وتكشف عجزهم عن مواكبة التحولات الواقعية على الارض.

اللافت في مداخلة هلال انه لم يخاطب فقط ممثلي الدول، بل وجه رسائل ضمنية الى المنتظم الدولي مفادها ان من يتحدث عن “تقرير المصير” خارج سياقه الاممي والقانوني، انما يكرر اطروحة عفا عنها الزمن، متجاهلا ان هذا المبدأ لا يفهم الا في اطار وحدة الدول واستقرارها، لا في اطار التجزئة والانفصال. هذا التحول في المقاربة يعكس ادراك الرباط لتبدل موازين القوى الدبلوماسية، حيث لم تعد الطروحات الانفصالية تجد صدى الا في خطابات متجاوزة، بينما اضحت اغلبية الدول الداعمة للمبادرة المغربية للحكم الذاتي تمثل اليوم الصوت الواقعي والعقلاني داخل الامم المتحدة.

كما ربط السفير المغربي بين الدفاع عن الوحدة الترابية والانخراط الفعال في الاستقرار الاقليمي، مشيرا الى الدور الامني والتنموي للمغرب في افريقيا والساحل. هذا الربط الذكي بين البعد الترابي والامن الجماعي يكشف عن وعي استراتيجي يجعل من الصحراء ليس فقط قضية وطنية بل ركيزة في بناء الامن الاقليمي المشترك.

خطاب هلال جاء ليكرس مسارا طويلا من العمل الهادئ والمتراكم، حيث انتقل الموقف المغربي من مجرد تبرير شرعية وجوده في اقاليمه الجنوبية، الى فرض الاعتراف الدولي بواقعية مبادرته السياسية. وفي المقابل، بدا خصوم المغرب اسرالى قاموس قديم قائم على الشكوى والاتهام، دون اي بديل سياسي قابل للتطبيق.

ان ما يميز هذا الحضور المغربي داخل الامم المتحدة هو الجمع بين الصرامة في المبدأ والمرونة في الوسيلة، وهي معادلة نادرة في الدبلوماسية الدولية. فالمغرب لم يعد يطلب تفهما، بل يفرض احتراما، مستند الى شرعية تاريخية وشعبية وتنموية تجعل من قضية الصحراء نموذجا ناجحا في دمج الاقاليم الصحراوية ضمن مشروع وطني موحد.

بهذا المعنى، لا يمكن قراءة خطاب عمر هلال الا باعتباره جزءا من معركة فكرية ودبلوماسية متواصلة، هدفها تثبيت المغرب كقوة استقرار في المنطقة، وتعرية مناورات خصومه امام العالم، في وقت اصبحت فيه الحقائق على الارض اقوى من كل الدعايات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى