عبد الصمد بكير يفقد عينه والحكم يعوضه بـ250 درهم فقط… هل هذا هو وجه العدالة في خنيفرة؟

أثار حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة خنيفرة موجة استياء عارم في الأوساط الحقوقية، بعدما قضى بإدانة متهم بشهرين حبسا موقوفي التنفيذ، وتعويض لا يتجاوز 250 درهمًا، لفائدة تلميذ شاب فقد عينه اليسرى إثر اعتداء خطير تسبب له في عاهة مستديمة ستلازمه مدى الحياة.
ويتعلق الأمر بالضحية عبد الصمد بكير، تلميذ يدرس بالسنة الثالثة إعدادي، وينحدر من حي لاسيري بمدينة خنيفرة. الضحية تعرض لاعتداء وصف بالوحشي، أفضى إلى فقء عينه اليسرى، إلا أن الحكم القضائي الصادر في هذه القضية فاجأ الرأي العام الحقوقي والمحلي بكونه لم يُراع جسامة الفعل ولا فداحة الضرر.
الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان سارعت إلى الدخول على خط القضية، حيث عبرت في بلاغ رسمي عن استنكارها الشديد وقلقها العميق تجاه الحكم، وجاء في بلاغها:
> “الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان تعرب عن أسفها الشديد وقلقها الكبير من هذا الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بخنيفرة… والقاضي بشهرين موقوفي التنفيذ في حق متهم بفقء عين ضحية متسببا له بعاهة مستديمة، وتتمنى إنصافه استئنافيا.”
الهيئة الحقوقية اعتبرت أن الحكم الصادر لا يرقى إلى مستوى العدالة المنتظرة، بل يُعد استخفافا بمعاناة الضحية الذي سيعيش بإعاقة بصرية دائمة، في حين أن المعتدي نال عقوبة رمزية لا تعبر عن فداحة الجرم.
وتطرح في هذا السياق أسئلة مشروعة وغاضبة من قبيل:
هل أصبح من هب ودب يعتدي على المواطنين ويخرج بأدنى العقوبات؟
هل هذا هو جزاء الاعتداءات الجسيمة في دولة يُفترض أن تُكرس الحماية الجسدية للمواطنين؟
وهل كانت ستصدر نفس العقوبة لو أن الضحية كان ابن مسؤول أو شخصية معروفة؟
ويُشار إلى أن القانون الجنائي المغربي واضح في هذه الحالات، حيث ينص الفصل 401 على أن العنف المؤدي إلى عاهة مستديمة، مثل فقدان إحدى الحواس أو الأعضاء، يعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. كما يشدد الفصل 400 العقوبة حين تتجاوز مدة العجز 20 يومًا، فما بالك بفقدان نهائي لحاسة الإبصار.
ورغم هذه المقتضيات الصارمة، فقد جاء الحكم مخالفا للمنتظر، مما دفع الهيئة إلى المطالبة بإعادة النظر في الملف عبر مسطرة الاستئناف، أملا في تحقيق العدالة وإنصاف الضحية عبد الصمد بكير.
القضية تعيد طرح إشكالية الأحكام القضائية التي لا تواكب انتظارات العدالة الاجتماعية، وتظهر الحاجة الملحة لتعزيز ثقة المواطنين في القضاء، خاصة في الملفات التي تتعلق بأضرار لا يمكن جبرها، كالعاهات المستديمة.
وفي انتظار كلمة القضاء الاستئنافي، يظل عبد الصمد بكير رمزًا لطفولة مغدورة، وأمله معقود على عدالة تعيد إليه بعضا من إنصاف غاب في لحظة حاسمة.