العالمالمغرب

المقاربة الاستباقية للأمن المغربي: منظومة متطورة لمواجهة التهديدات المعاصرة

على مدى العقدين الاخيرين، رسخ المغرب مكانته كواحد من اكثر الدول استقرارا في شمال افريقيا، رغم محيط اقليمي مضطرب وتزايد التهديدات الامنية. هذا الاستقرار لم يكن صدفة، بل نتيجة مباشرة لاعتماد مقاربة امنية استباقية، تقوم على جمع المعلومات الدقيقة، والتحليل الاستخباراتي المتقدم، والتدخل السريع لاحباط التهديدات قبل وقوعها.

الاستخبارات في قلب المعادلة

تقوم المقاربة الاستباقية على دور محوري للاجهزة الاستخباراتية المغربية، وعلى راسها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للدراسات والمستندات. وقد اثبتت هذه الاجهزة كفاءتها العالية في تفكيك عشرات الخلايا الارهابية، بعضها كان على وشك تنفيذ عمليات داخل المغرب، واخرى كانت تنسق مع جماعات خارجية لاستهداف مصالح اقليمية ودولية.

تعمل هذه الاجهزة وفق رؤية مندمجة، تدمج المعطيات الميدانية والتكنولوجية والتحليل النفسي والاجتماعي، في رصد وتتبع العناصر المتطرفة قبل ان تتحول الى تهديد فعلي.

التنسيق الدولي: من المعلومة الى الثقة

اثمرت هذه المقاربة عن مستوى عال من الثقة الدولية في القدرات الامنية المغربية. فقد سبق لاجهزة الامن المغربية ان زودت دولا كفرنسا واسبانيا وبلجيكا بمعلومات حساسة مكنت من احباط عمليات ارهابية وشيكة. هذا الدور جعل المغرب شريكا اساسيا في المنظومة الامنية الاوروبية والدولية، ومرجعا في مواجهة الارهاب العابر للحدود.

من الردع الى الوقاية

ما يميز النموذج المغربي ايضا هو دمجه بين المقاربة الزجرية والوقائية. فالى جانب تفكيك الخلايا واحالة المتورطين على العدالة، يحرص المغرب على مكافحة جذور التطرف عبر اصلاح الحقل الديني، وتاهيل الائمة، وتعزيز الخطاب المعتدل، اضافة الى برامج الادماج واعادة التاهيل داخل المؤسسات السجنية.

نجاعة متواصلة رغم التحديات

ورغم تعقد التهديدات الامنية، سواء المرتبطة بتنظيمات ارهابية جديدة او بشبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، تواصل المقاربة الاستباقية المغربية تحقيق نتائج ايجابية. ويتجلى ذلك في انخفاض عدد العمليات الارهابية على الاراضي المغربية الى الصفر خلال السنوات الاخيرة، وهو مؤشر على فعالية الرصد ومرونة التدخل.


تعكس المقاربة الاستباقية للامن المغربي نضجا مؤسساتيا وتحديثا مستمرا للاليات الامنية، يجعل من المملكة نموذجا يحتذى به في محيطها الاقليمي. فبفضل التخطيط المسبق، واليقظة الدائمة، والانفتاح على التعاون الدولي، نجح المغرب في تحصين امنه الداخلي، والمساهمة الفاعلة في امن المنطقة، في وقت تشهد فيه دول عديدة موجات عنف وانفلات امني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى