المغرب

انتعاش قياسي في عائدات السفر يرسخ موقع المغرب كوجهة سياحية صاعدة

حقق المغرب رقما قياسيا جديدا في عائدات السفر عند متم اكتوبر، بعدما بلغت 113,26 مليار درهم مقابل 97,04 مليار درهم خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، وفق اخر نشرات مكتب الصرف. الارتفاع المسجل، والبالغ 16,7%، لم يكن مجرد نمو تقني في الارقام، بل يعكس تحولا عميقا في دينامية القطاع السياحي وقدرته المتزايدة على جلب العملة الصعبة ودعم التوازنات الاقتصادية الوطنية.

في المقابل، ارتفعت نفقات السفر الى 27,54 مليار درهم، وهو تطور يبقى منطقيا في سياق انفتاح المغاربة على السياحة الخارجية واستعادة حركة التنقل زخمها الطبيعي بعد سنوات من التباطؤ. ورغم هذا الارتفاع، ظل ميزان السفر محافظا على فائض قوي بلغ 85,71 مليار درهم، مسجلا نموا يناهز 18,5% مقارنة مع السنة الماضية.

هذا الفائض الكبير يعكس ثلاثة معطيات اساسية. اولا، ارتفاع جاذبية المغرب باعتباره وجهة مستقرة، متنوعة، وقادرة على تقديم منتوج سياحي يجمع بين الثقافة، الترفيه، الطبيعة، والبنية التحتية العصرية. ثانيا، المجهود الاستثماري الضخم الذي انخرطت فيه الدولة والقطاع الخاص من اجل رفع الطاقة الاستيعابية للفنادق، تحديث النقل الجوي، وتحسين جودة الخدمات. ثالثا، قدرة القطاع على استقطاب اسواق جديدة في اوروبا، امريكا، واسيا، الى جانب تعزيز حضور السياح من دول الخليج.

كما ان هذا الارتفاع في العائدات لا ينفصل عن السياسات الترويجية المكثفة التي اعتمدتها الجهات الوصية، والتي راهنت على حملات رقمية قوية، ودعم الفاعلين المحليين، وفتح خطوط جوية مباشرة نحو مدن كانت خارج الخريطة السياحية التقليدية.

اقتصاديا، يشكل هذا المستوى من العائدات متنفسا مهما للمالية العمومية، اذ يساهم في تعزيز احتياطي العملة الصعبة، دعم استقرار الدرهم، وتمويل جزء من الواردات. وبالنظر الى محيط اقتصادي عالمي متقلب، يصبح الاداء السياحي احد الاعمدة القليلة التي تمنح الاقتصاد الوطني جرعة امل وقوة دفع اضافية.

في افق نهاية السنة، تبدو التوقعات اكثر تفاؤلا، خصوصا مع الاستعدادات الجارية للموسم الشتوي، وتنامي الاهتمام الدولي بالوجهات المغربية التي تجمع بين الامن، التنوع، والاسعار التنافسية. وهي مؤشرات تؤكد ان المغرب مقبل على مرحلة جديدة، قد تتعزز فيها مكانته كاحد اهم الفاعلين السياحيين في المنطقة، واقوى القطاعات المساهمة في النمو الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى