المغربصفرو

صفرو.. ذاكرة المغرب التي يقتلها الإهمال بصمت

على سفوح الأطلس المتوسط، تقف صفرو كجوهرة تاريخية تحتفظ بملامح المغرب العميق، حيث المدينة العتيقة بأزقتها الأندلسية، وأبوابها التاريخية مثل باب المربع وباب الغريسية، والقصبة المرينية التي تحرسها منذ قرون.

هي مدينة ولدت من رحم الماء والخضرة، اشتهرت ببساتينها الغناء وكرزها الذي منحها شهرة وطنية ومهرجانا سنويا يخلد هويتها الزراعية والسياحية.
لكن خلف هذه الصورة الساحرة، تختبئ حقيقة مرة: صفرو اليوم تعيش على وقع تهميش يلتهم مقوماتها بهدوء.

حافلات النقل إلى فاس، العاصمة العلمية القريبة، مهترئة ولا تليق بمستوى حركة تنقل يومية بين المدينتين. الاستثمار شبه غائب، مما يجعل البطالة وحلم الهجرة هاجسا يطارد شبابها.
البنية التحتية خارج المركز متردية، ودواوير عديدة تعاني من انقطاع متكرر في الماء الصالح للشرب، ما يهدد الساكنة بالعطش خاصة في فترات الجفاف. في القرى، مدارس تفتقر إلى التأهيل الضروري للتلاميذ والتلميذات، ما يجعل مستقبل الأجيال القادمة رهينة واقع هش.
صفرو تملك من المؤهلات السياحية ما يمكن أن يجعلها مركزا اقتصاديا مزدهرا: شلالات طبيعية، أسواق تقليدية، تنوع ثقافي نادر جمع بين الأندلسيين وغيرهم، وتاريخ عريق يضعها على خارطة التراث المغربي. غير أن غياب رؤية واضحة واستراتيجيات تنموية حقيقية، جعل المدينة تعيش على هامش الاهتمام الرسمي، في الوقت الذي تحوّل فيه مدن أقل منها مقومات إلى أقطاب اقتصادية وسياحية.
الإهمال لا يقتل صفرو في يوم واحد، لكنه يسرقها من الداخل، يمحو ببطء صورتها كمركز إشعاع ثقافي وزراعي، ويحولها إلى مدينة تعيش على ذكريات الماضي أكثر مما تراهن على المستقبل. إنقاذ صفرو اليوم ليس ترفا، بل واجب وطني، لأنها ليست مجرد مدينة، بل فصل من فصول هوية المغرب.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى