
لا يمر وقت طويل حتى نفاجأ بخبر جديد عن لاعب او لاعبة يقرر ترك الميدان الاخضر ليخوض مغامرة البحر والحدود. آخر القصص جاءت من شابة مغربية، لاعبة كرة قدم، لم تجد في ملاعب الوطن ما يكفي من أمل، فاختارت أن تسبح نحو مدينة سبتة، باحثة عن مستقبل آخر. خبر هز مواقع التواصل وأعاد الى الواجهة سؤالا مؤلما: لماذا يهرب الرياضيون بدل ان يتألقوا في بلدهم؟
المشكل اكبر من حالة فردية. هو تراكم لسنوات من غياب بنية تحتية حقيقية، ضعف الاستثمار في الرياضة النسوية، غياب التأطير النفسي والاجتماعي، وقلة فرص الاحتراف. الشاب او الشابة حين يقارن بين واقع قاس وآفاق مسدودة من جهة، وحلم اوروبي مفتوح على الاحتمالات من جهة اخرى، يصبح البحر في نظره ملعبا اخيرا، رغم مخاطره.
المسؤولية لا تقع على لاعب يبحث عن ذاته، بل على منظومة بأكملها لم تنجح في تحويل الرياضة الى رافعة حقيقية للترقي الاجتماعي. لا يمكن ان نطلب من لاعب ان يضحي ويبقى، بينما هو لا يتلقى تعويضا كافيا، ولا يرى مسارا مهنيا واضحا، ولا يحظى بالاعتراف الذي يستحقه.
الهجرة هنا ليست مجرد فعل فردي، بل رسالة صريحة: الرياضة في المغرب بحاجة الى ثورة تنظيمية. الى رؤية تضع تكوين الرياضيين في قلب السياسات العمومية، الى استثمار في المواهب، الى دعم حقيقي يفتح الافق امام الطاقات الشابة.
الى ان يتحقق ذلك، سيبقى البحر بديلا مريرا، وسيظل كل خبر مشابه يعيدنا الى السؤال ذاته: متى نصنع من الملاعب فضاء للحلم، بدل ان نترك شبابنا يبحرون نحو المجهول؟




