رمضانيات صفروبريس..الدكتور طارق صقلي حسيني يكتب : "الأمراض المزمنة ورمضان في ظل جائحة كورونا : أمراض الكلى نموذجا"
بموازاة نجاح المغرب في القضاء نسبيا على الأمراض المعدية وخاصة منها التعفنية، ارتفع بشكل كبير عدد المصابين بالأمراض المزمنة وهو مصطلح شاسع يشمل العديد من الأمراض كارتفاع ضغط الدم، مرض السكري والقصور الكلوي…، وقاسمها المشترك هو تطورها عبر الزمن ومصاحبتها للمريض خلال مدة طويلة من حياته. وفي غالب الأحيان يتزامن المرض المزمن مع الشيخوخة التي يمكن أن يكون لها وقع كبير على هذه الأمراض، كما يمكن أن يضاف سبب آخر لتفاقم المرض المزمن كما هو الحال مع مرض كوفيد19. فمع فيروس كورونا تتفاقم خطورة هذه الأمراض التي تؤدي إلى وفيات أكبر بكثير مما عليه عند بقية المصابين.
سنقدم لكم بعض المعطيات لتوضيح أهمية الفرق بين الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة وغيرهم، مستدلين بمنشور حديث (2020 أبريل) على مجلة نيتشر التي تعتبر مرجعا عالميا في ميدان “الطب والصحة والعلوم الدقيقة” والتي أشارت إلى أن من بين 7162 مصاب بفيروس كورونا% 2 حالتهم خطيرة تستدعي الإنعاش في حين % 7 حالتهم تستوجب المتابعة عن قرب، بينما النسبة الساحقة الأخرى حالتها غير خطيرة.
وبالمقارنة مع هذه الأرقام نجد مثلا أن %19 من الأشخاص المصابين بمرض السكري وكوفيد19 تستدعي حالتهم الإنعاش و32 %تستوجب الاستشفاء، بينما مرضى القلب والشرايين %20 منهم حالتهم تستدعي الإنعاش و %37 الاستشفاء، أما مرضى الكلى فحالتهم تستدعي الإنعاش عند %26 منهم والاستشفاء عند% 45. ومن هنا نستنتج أن هناك فرقا شاسعا بين الأشخاص العاديين والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة في حالة تزامن الإصابة بمرض كوفيد–19.
إحصائيات أخرى تبين أن الأشخاص في سن متقدمة أكثر عرضة للوفاة والاستشفاء في مصالح الإنعاش بالمقارنة مع غيرهم من الأشخاص العاديين وأغلبهم يعانون من أحد الأمراض المزمنة أو تراكمها حيث نجد نفس الشخص المتقدم في السن مصابا بالسكري وارتفاع الضغط الدموي وأمراض الكليتين… الشيء الذي يضيف خطر الوفاة أو الاستشفاء في الإنعاش.
الكلى أمراض نمودج
يبلغ عدد المرضى المصابين بالقصور الكلوي المزمن في مراحله النهائية بالمغرب حوالي 4500 شخص كل سنة بينما يتعدى العدد الإجمالي للمستفيدين من الديلزة بصفة منتظمة 32.000 شخصا.
يهدف هذا الملف التعريف بهذا المرض مع إبراز أعراضه، طرق تشخصيه، مسبباته وكذا وسائل العلاج وارتباطها بمرض كوفيد19 .
كيف تعمل الكلى ؟
تلعب الكلية دورا أساسيا في حياتنا اليومية. يولد معظم الأفراد بكليتين تحتل كل منهما جانبا من العمود الفقري على مستوى الضلع الأسفل. تتخذ الكلية شكل حبة الفاصوليا وهي بحجم قبضة اليد (12 سنتمترا) ويصل وزنها الى 150 غراما.
تعمل الكلية الطبيعيية السليمة على:
o تنقية الدم من المركبات الملوثة وإزالة السوائل الزائدة لتحولها إلى بول
o المحافظة على توازن المواد الكميائية في الجسم (الصوديوم، الكلسيوم، البوتاسيوم، الفوسفور).
o ضبط و مراقبة ضغط الدم
o تصنيع خلايا الدم الحمراء
o إنتاج الفيتامين ” د” لعظام سليمة وقوية
ما هو القصور الكلوي ؟
نعني ب “القصور الكلوي” أو الفشل الكلوي عدم تمكن الكلية من القيام بوظائفها العادية بشكل طبيعي. عندما تتدهور حالة الكلية، قد تظهر عوارض القصور الكلوي، وقد يتطلب ذلك سنوات عديدة بل عقودا.
قد يؤدي القصور الكلوي في مراحله المتقدمة إلى وفاة المصاب به إذا لم يتبع أي علاج : الديلزة أو زراعة الكلى، وتعرف هذه الحالة بالقصور الكلوي التام.
ما هي أعراض الفشل الكلوي؟
تختلف أعراض الفشل الكلوي من شخص إلى أخر. قد لا يشعر بعض المصابين بالفشل الكلوي بالمرض أو لا يتنبهون حتى للاعراض التي تصيبهم. وغالبا ما لا يشعر المصاب بالمرض إلى أن تتوقف الكلية عن تصريف السموم. لذلك يسمى أحيانا بالداء الصامت.
عندما يتفاقم المرض وتتوقف وظائف الكلية تدريجيا، يعاني معظم المصابين من أعراض إرتفاع السموم (اليوريا والكرياتنين) في الدم.
تشمل هذه الأعراض: الشعور بالتعب والضعف، تورم اليدين والرجلين، ضيق في التنفس، فقدان الشهية، والقيء، والغثيان، انخفاض في الوزن، الشعور بالأرق والحكاك الجلدي وتشنج العضلات واسوداد البشرة.
أنواع القصور الكلوي :
القصور الكلوي الحاد: هو عبارة عن توقف وظيفة الكليتين بسبب إصابة أو تسمم. إن معالجة هذه الحالة فورا يؤدي عادة إلى شفائها في غضون أسابيع.
القصور الكلوي المزمن: ينعت القصور الكلوي بالمزمن عندما تتجاوز الإصابة به ثلاثة أشهر. وهو تدهور تدريجي لوظيفة الكلية يؤدي الى داء طويل الأمد. ويعتبر من أنواع القصور الكلوي الأكثر شيوعا ويمكن علاجه بالرغم من عدم التمكن من شفائه.
القصور الكلوي التام: يتطور القصور الكلوي المزمن في معظم الأحوال إلى القصور كلوي تام، وهي المرحلة التي تتوقف فيها الكلية عن العمل أو يعمل قسم ضئيل منها. عندئد يصبح العلاج عبر الديلزة أو الزارعة أمرا ضروريا لإبقاء المريض على قيد الحياة.
لماذا يجب إجراء تحريات للبحث عن القصور الكلوي ؟
يعتبر القصور الكلوي المزمن من أهم مشاكل الصحة العمومية بالمغرب. ويتعلق الأمر بمرض تطوري غالبا ما يكون تطورا صامتا غير ملموس. وعندما تغيب متابعة المريض، فإن ذلك يؤدي دائما إلى فقدان وظيفة الكلى، مما يحتم إجراء علاج لتعويض وظيفة الكلى الطبيعية (الديلزة أو زراعة الكلى). لكن اللجوء إلى العلاج التعويضي يبقى محدودا نظرا لارتفاع كلفته. لذلك تبقى الإستراتيجية الأفضل هي الوقاية، وبالتالي التحري والتكفل بالمريض المصاب بالمرض الكلوي المزمن.
ما هي أسباب القصور الكلوي ؟
في المغرب كما في جل دول العالم، يرجع القصور الكلوي أساسا إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
1 – داء السكري: يعتبر من أسباب القصور الكلوي الأكثر شيوعا. إن إرتفاع نسبة السكر في الدم لدى المرضى المصابين بالسكري قد يضر بالأوعية الدموية الكامنة في الوحدات الكلوية أو الكبيبات ويؤدي إلى القصور الكلوي.
2 – ارتفاع ضغط الدم: قد يضر كذلك بالأوعية الدموية الصغيرة في أنابيب الكلى مما يؤدي إلى فشلها. يمثل إرتفاع ضغط الدم السبب المباشر للقصور الكلوي لدى 25 % من المصابين به وقد يؤدي إلى تدهور حالة الكلى بشكل سريع. وتشكل الأدوية والغذاء الصحي ومراقبة الوزن والرياضة البدنية الوسائل الفضلى لمحاربة تقلبات ضغط الدم بطريقة صحية بهدف المحافظة على الكلى.
3 – أسباب مختلفة (50%): أمراض الكبيبات الكلوية، بعض الحالات الوراثية، تعفنات، حصى الكلى، تشوهات خلقية….
كيف يمكن اجراء التحريات على أمراض الكلى في مرحلة مبكرة ؟
سبقت الإشارة إلى أن المرض الكلوي المزمن يتسم بطابعه الصامت وغير الملموس لذلك فإن التحريات الممنهجة أو لدى المجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض هي التي تمكن من التشخيص المبكر والتكفل المناسب بالمريض.
على من تجرى التحريات ؟
ينصح إجراء التحريات الممنهجة لدى المجموعات الاتية:
1- مرضى السكري.
2- مرضى ارتفاع ضفط الدم.
3- أسر مرضى السكري، أسر مرضى الضغط الدموي المرتفع و أسر المرضى الذين تم تشخيص مرض كلوي لديهم.
4- مجموعات أخرى.
· بعض الأمراض الباطنية.
