العالم

رقم قياسي جديد في أعداد النازحين داخليًا عبر العالم: أكثر من 83 مليون شخص بنهاية 2024

لأول مرة في التاريخ، تجاوز عدد الأشخاص النازحين داخل بلدانهم حدود 83 مليونًا بنهاية عام 2024، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الأزمات المتعددة التي يشهدها العالم اليوم، سواء بفعل النزاعات أو الكوارث المناخية

هذا ما كشف عنه تقرير سنوي صادر عن مرصد النزوح الداخلي (IDMC)، التابع لمنظمة غير حكومية دولية متخصصة في رصد حركات النزوح. وأوضح التقرير أن الغالبية الساحقة من هؤلاء النازحين – نحو 73 مليون شخص – اضطُروا للفرار من منازلهم بسبب نزاعات مسلحة وأعمال عنف.

ووفقًا للتقرير، فقد ارتفع هذا العدد بنسبة 80% خلال ست سنوات فقط، في مؤشر على تفاقم هذا الظاهرة وتحولها إلى أزمة بنيوية تغذيها بؤر التوتر المستمرة. وفي هذا السياق، حذّرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، آيمي بوب، من أن «هذه الأرقام تمثل جرس إنذار واضحًا: بدون تحرك حاسم ومنسق، فإن أعداد النازحين داخليًا ستواصل الارتفاع السريع».

السودان وغزة والكونغو على رأس القائمة

شهد عام 2024 تصاعدًا استثنائيًا في وتيرة النزوح الداخلي نتيجة نزاعات دامية. ففي السودان، أدى النزاع المسلح الذي اندلع في أبريل 2023 بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد، مسجلًا رقمًا قياسيًا عالميًا لنزوح داخلي في بلد واحد.

أما في قطاع غزة، فقد أدى القصف الإسرائيلي المكثف والحرب المدمّرة إلى نزوح شبه تام لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم المليونين، نتيجة الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية المدنية.

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، تسبب تجدد العنف في شرق البلاد، لا سيما في إقليمي كيفو الشمالية وإيتوري، في أكثر من خمسة ملايين حالة نزوح داخلي خلال عام 2024، وهو أعلى رقم مسجل في تاريخ البلاد.

وبحسب التقرير، فإن عشرة بلدان عبر العالم شهدت في نهاية عام 2024 وجود أكثر من ثلاثة ملايين نازح داخلي نتيجة للنزاعات أو العنف، أي ضعف ما كان عليه الوضع قبل أربع سنوات.

الكوارث المناخية تضاعف حجم الكارثة

لم تقتصر أسباب النزوح على الحروب، إذ شكّلت الكوارث الطبيعية عاملاً رئيسيًا في موجات النزوح الجديدة. وسجّلت سنة 2024 رقمًا قياسيًا في حالات النزوح المرتبطة بالكوارث، بلغ حوالي 46 مليون حالة، أي نحو ضعف المعدل السنوي خلال العقد الماضي، وشكّلت الأعاصير وحدها أكثر من نصف هذه الحالات.

ورغم أن العديد من المتضررين تمكنوا من العودة إلى منازلهم خلال الأشهر التالية، إلا أن نحو 10 ملايين شخص ظلوا نازحين حتى نهاية العام، وهو رقم يزيد بنسبة الثلث مقارنة بسنة 2023، وقد تضاعف أكثر من مرتين خلال خمس سنوات فقط.

وشكلت الولايات المتحدة وحدها، نتيجة الحرائق والفيضانات والعواصف، ربع هذه الحالات من النزوح المناخي، إلى جانب دول مثل أفغانستان (1,3 مليون نازح) وتشاد (1,2 مليون)، مما يعكس تدهور الأوضاع البيئية والإنسانية عالميًا.

تحذيرات من المستقبل القريب

يحذر التقرير من أن تزايد شدة وتكرار الظواهر المناخية المتطرفة، إلى جانب اشتداد النزاعات المسلحة، ينذر بمزيد من التصاعد في أعداد النازحين داخليًا خلال السنوات المقبلة. وجاء في التقرير أن «وتيرة وشدة وطول أمد الأحداث المناخية في ازدياد، ما ينبئ بارتفاع مستمر في أعداد حالات النزوح».

وفي مواجهة هذا المشهد المعقد، دعا خبراء ومنظمات إنسانية إلى تعزيز تدابير الوقاية، وحماية المدنيين، ودمج ملف النزوح الداخلي ضمن سياسات التنمية والتكيّف المناخي، محذّرين من دخول العالم في دوامة من التهجير والضعف المجتمعي يصعب احتواؤها ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة وشاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى