المغرب

رؤية ملكية تتجسد في الميدان.. مسؤولون امنيون افارقة يشيدون من مراكش بالاستراتيجية المغربية لامن القارة

شهدت مراكش نقاشا افريقيا واسعا حول مستقبل الامن في القارة، بعدما عبر عدد من المسؤولين الامنيين رفيعي المستوى عن تقديرهم الكبير للرؤية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله من اجل بناء فضاء افريقي اكثر امنا واستقرارا. هذا التثمين لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة تراكمات عملية وازنة حققها المغرب خلال السنوات الاخيرة، جعلته رقما اساسيا في الامن الاقليمي، وفاعلا مركزيا في مواجهة التحديات العابرة للحدود.

اولا، شدد المسؤولون الافارقة على ان المقاربة المغربية للأمن ليست ظرفية ولا رد فعل على ازمات طارئة، بل هي مقاربة استراتيجية شمولية تستند الى رؤية ملكية تعتبر الامن شرطا للتنمية، والتنمية رافعة لتحصين المجتمعات. هذا الربط بين الامن والاقتصاد والنمو الاجتماعي هو ما جعل المغرب شريكا موثوقا لدى دول القارة، حيث يقدم نموذجا متوازنا يجمع بين الاستباقية والفعالية الميدانية.

ثانيا، الحضور المغربي القوي في القارة لم يقتصر على الجانب العملياتي او الامني الضيق، بل امتد ليشمل تأهيل الموارد البشرية، وتعزيز القدرات التقنية، ومواكبة الدول الافريقية في تحديث مؤسساتها الامنية. فعدد من المسؤولين الافارقة اكدوا ان المغرب اصبح وجهة اساسية للتكوين، بفضل المعاهد الامنية المتقدمة التي تستقبل سنويا عشرات الاطر من مختلف الدول. هذه السياسة القائمة على نقل الخبرة لا تتحكم فيها منطق الهيمنة، بل منطق الشراكة وتقاسم المعرفة.

ثالثا، لا يمكن الحديث عن الاشادة الافريقية بالمغرب من دون التوقف عند الدور المحوري الذي تلعبه اجهزة الامن المغربية في محاربة الارهاب والجريمة المنظمة. فالمعطيات المتاحة تظهر ان التنسيق المغربي الافريقي، سواء عبر تبادل المعلومات او العمليات المشتركة، اسهم في تفكيك عدد من الشبكات الخطيرة، واحباط مخططات تهدد استقرار المنطقة. لهذا بدت كلمات بعض الوفود واضحة حين تحدثت عن المغرب كـ “صمام امان” في منطقة تتقاطع فيها مخاطر التطرف والهجرة غير النظامية وتهريب السلاح.

رابعا، اعتبر عدد من المسؤولين ان الدبلوماسية الامنية التي يقودها المغرب، بتوجيهات ملكية مباشرة، تعطي للقارة صوتا موحدا في المحافل الدولية، وتعزز حضورها في النقاش العالمي حول الامن السيبراني والوقاية من التطرف. فالمغرب اليوم شريك معترف به لدى الامم المتحدة والاتحاد الافريقي، ويشكل نقطة التقاء بين شمال القارة وجنوبها، وبين افريقيا وباقي مناطق العالم.

خامسا، رؤية جلالة الملك محمد السادس نصره الله لقارة مستقرة ليست مجرد خطاب سياسي، بل مشروع متكامل يقوم على الاستثمار في الانسان، ودعم الدول الهشة، واعتبار الامن مسؤولية جماعية افريقية قبل ان يكون تعاونا مع شركاء دوليين. وهذا ما يفسر لماذا تتقاطع شهادات المسؤولين الافارقة حول دور المغرب باعتباره دولة تبني الامن ولا تفرضه، وتعزز الاستقرار ولا تستثمر في الفوضى.

في المحصلة، شكلت مراكش مناسبة لتجديد الاعتراف بدور المغرب في صياغة مستقبل الامن الافريقي. الاشادة الافريقية لم تكن مجاملة دبلوماسية، بل كانت قراءة سياسية واعية لمكانة بلد استطاع، برؤية ملكية واضحة، ان يجمع بين العمق الافريقي والانخراط الدولي، وان يقدم للعالم نموذجا عمليا في كيفية تحويل التحديات الى فرص، وبناء امن قاري يقوم على الثقة والشراكة والتنمية المشتركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى