ديبسيك وشاتجيبيتي : صراع التكنولوجيا بين الشرق والغرب… من يربح معركة الذكاء الاصطناعي؟
في عالم يتسابق نحو هيمنة الذكاء الاصطناعي، تتصاعد المنافسة بين العملاقين ديبسيك الصيني deepseek وشاتجيبيتي الأمريكي chatgpt، حيث تعكس كل منصة فلسفة مختلفة في التعامل مع التكنولوجيا. فبينما تتبنى ديبسيك نهجًا براغماتيًّا يركز على الكفاءة وحل المشكلات العملية، تبرز شاتجيبيتي كوجهة للإبداع والتفاعل الإنساني، لكنْ وراء كل منهما عوالم تقنية وسياسية معقدة.
تعتمد ديبسيك deepseek على بنية MoE (خليط الخبراء)، التي توزع المهام على وحدات متخصصة، مما يجعلها أسرع في معالجة البيانات الضخمة، خاصة في المجالات العلمية والمالية. هذا التخصص جعلها الأداة المفضلة للشركات الصينية العاملة في تحليل الأسواق المالية أو التنبؤ بالمخاطر، بينما تُعتبر محدودة نسبيًّا في توليد المحتوى الإبداعي مقارنة بشاتجيبيتي التي تتفوق في كتابة النصوص الأدبية وحتى تصميم الحملات التسويقية بلمسة إنسانية.
اللغة هي ساحة أخرى للتنافس. تتفوق deepseek في فهم السياقات الثقافية الصينية، بدءًا من اللهجات المحلية إلى التعابير السياسية الحساسة، بفضل تدريبها على مليارات النصوص من منصات محلية مثل “ويبو”. في المقابل، تهيمن شاتجيبيتي على اللغات الأوروبية، حيث تصل دقة توليد النصوص الإنجليزية إلى 98%، لكنها تُظهر فجوات واضحة في التعامل مع اللغات الآسيوية المعقدة، ما يعكس تحيزًا جيوسياسيًّا في تدريب النماذج.
على صعيد الخصوصية، تفرض ديبسيك قيودًا صارمة تماشيًا مع القوانين الصينية، مثل حذف أي إشارات إلى مواضيع حساسة تتعلق بالأمن القومي أو الاحتجاجات الاجتماعية، بينما تواجه شاتجيبيتي انتقادات متكررة حول استخدام بيانات المستخدمين لأغراض تجارية، رغم ادعائها الالتزام بمعايير الخصوصية الأوروبية. الفارق هنا يعكس تناقضًا بين النموذج الصيني المُراقَب بشدة، والنموذج الغربي الذي يوازن بين الشفافية ومصالح الشركات.
التكلفة عامل حاسم آخر. تقدم ديبسيك أسعارًا تنافسية تصل إلى **0.002 دولار لكل 1000 طلب**، مما يجعلها خيارًا مثاليًّا للشركات الناشئة، بينما تعتبر شاتجيبيتي أكثر كلفة بنسبة 30% للإصدارات المتقدمة مثل GPT-4 Turbo، لكنها تبرر التكلفة بمرونتها في المحادثات التفاعلية وقدرتها على محاكاة التعاطف العاطفي.
في النهاية، يبقى الاختيار بين المنصتين مرهونًا بالاحتياجات: إن كنتَ تبحث عن أداة متخصصة في تحليل البيانات أو العمل ضمن السوق الصينية، فديبسيك هي الخيار الأمثل. أما إذا كان هدفك توليد محتوى إبداعي أو التفاعل مع جمهور غربي، فشاتجيبيتي تتفوق.
المعادلة هنا ليست “من الأفضل”، بل “من الأنسب”، في معركة لا تُعرف نتائجها النهائية بعد.
