
مع إعلان بنما عن دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، تكون أمريكا اللاتينية قد دخلت مرحلة جديدة من التحولات الجيو-دبلوماسية، تؤكد نجاح الدبلوماسية المغربية في تقويض نفوذ عصابة البوليساريو الإرهابية التي لطالما استغلت سرديات “التحرر” لاختراق مواقف بعض الدول في الجنوب.
فطيلة عقود، ظلت المنطقة اللاتينية تشكل حاضنة سياسية لخطاب الانفصال، تغذيه عقائد يسارية تقليدية وتاريخ مناصرة الحركات المسلحة. إلا أن الانكشاف المتزايد للطبيعة الإجرامية والارتباطات الإرهابية لعصابة البوليساريو، سواء مع شبكات الجريمة المنظمة في الساحل أو الجماعات المسلحة المتطرفة، دفع عددًا من العواصم إلى مراجعة مواقفها.
بنما، التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بما يسمى “الجمهورية الصحراوية” في نهاية السبعينات، أعلنت أولًا في نونبر 2024 تعليق كل علاقاتها مع هذا الكيان الوهمي، قبل أن تُعلن في يونيو 2025 انخراطها الكامل في دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها حلاً سياديًا، واقعيًا، وذي مصداقية.
هذا الموقف البنمي لا يمكن عزله عن موجة مواقف مشابهة عرفتها أمريكا الجنوبية والوسطى خلال السنوات الأخيرة. دول مثل البيرو، السلفادور، الباراغواي، الدومينيكان، وغواتيمالا، سحبت اعترافها بعصابة البوليساريو الإرهابية، في مشهد يعكس انقلابًا دبلوماسيًا على مستوى القارة، يُعزز شرعية الطرح المغربي ويضرب ما تبقى من رواية الانفصال في العمق.
والأهمية المتزايدة لبنما تكمن في كونها تحتضن أحد أهم الممرات البحرية الدولية، كما تستعد لتقلّد عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي، ما يجعل دعمها لمغربية الصحراء دعمًا مركزيًا في معادلة التوازنات الأممية المقبلة.
أما العصابة الانفصالية، فتجد نفسها اليوم محاصرة دبلوماسيًا، ومُجردة من الشرعية، وفاقدة للتعاطف حتى في معاقلها التاريخية. ولم يبقَ لها سوى التمترس في مخيمات تندوف تحت غطاء مسلح، تديره شبكات تهريب وتغذّيه أجندات إقليمية معادية لاستقرار المغرب والمنطقة برمتها.
في المحصلة، فإن دعم بنما يعزز التوجه الإقليمي في أمريكا اللاتينية نحو الاعتراف بالواقعية السياسية والمشروعية القانونية التي يمثلها المغرب، ويؤكد أن معركة الشرعية تُحسم، دولة تلو الأخرى، لصالح الوحدة الترابية للمملكة.