خطاب عيد العرش في الذكرى 26 يؤمن قوة التوجه المغربي ويختار دخول نادي الدول الصاعدة ويواجه كل الأزمات بخيارات تنموية و سلمية مختلفة .

د أحمد درداري
خطاب يؤكد على ان العرش هو ذلك الرابط المناعي لحماية الوطن والشعب، بتجلي عقد البيعة الطوعي و الولاء الروحي الذي يترجمه التعلق بالخليفة القدوة في تمثيل روح الأمة، قياسا على الأوامر الإلهية التي قدرت فهدت الناس إلى التوحد وراء ملك يواجه الانكسارات كالتي تغذي الفتن أو تشيع التفرقة ويستنهض الطاقات لبناء الوطن.فكل سنة يشكل الاحتفال بعيد العرش المجيد، مناسبة لتجديد روابط البيعة والتعلق المتبادل، ومشاعر المحبة والوفاء، التي تجمع الملك بشعبه على الدوام، والتي لا تزيدها السنين والأعوام إلا قوة ورسوخا. 1- قيمة و أهمية ذكرى عيد العرش.كل سنة يتجدد العهد وبعث الروح في رمزية ومضمون البيعة، وأيضا هي مناسبة للوقوف على الحصيلة التنموية و أحوال الأمة وتقييم ما تحقق من مكاسب، و رسم توجهات حول الواقع من مشاريع ورفع التحديات، والتوجه نحو المستقبل، بكل ثقة وتفاؤل.2-دلالة المقاربة التنموية. منذ اعتلاء جلالة العرش، حدد مفاهيم جديدة ووسائل وموارد لبناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، للنهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة، مع الحرص على تعزيز مكانة المغرب ضمن نادي الدول الصاعدة.و لعل ما تحقق على امتداد 26 سنة يعكس مجهود جلالة الملك ولم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة رؤية بعيدة المدى، وصواب الاختيارات التنموية الكبرى، والأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي ينعم به المغرب.3-حرص المغرب على تعزيز مكانته قناعة ملكية واضحة. لقد حرص جلالة الملك على تعزيز مقومات الصعود الاقتصادي والاجتماعي بمحاكاة الفرص المتاحة والاستراتيجيات الممكنة لبناء اقتصاد تنافسي، أكثر تنوعا وانفتاحا جعل منه النموذج التنموي الجديد الذي يتماشى مع الإطار الماكرو – اقتصادي السليم و المستقر.4-استمرار الاستقرار التنموي في ظل التحديات البيئية. بالرغم من توالي سنوات الجفاف، وتفاقم الأزمات الدولية، حافظ الاقتصاد الوطني على نسبة نمو هامة ومنتظمة، خلال السنوات الأخيرة. في مقابل وجود نهضة بمؤشرات الصادرات الصناعية غير المسبوقة، حيث ارتفعت منذ 2014 إلى الآن، بأكثر من الضعف، لاسيما تلك المرتبطة بالمهن العالمية للمغرب.5-أهمية الاستراتيجيات القطاعية والبنية التحتية للمغرب الصاعد . وبفضل الاختيارات الاستراتيجية التي تتماشى مع اتفاقيات التبادل الحر، التي اعتمدها جلالة الملك، أصبحت قطاعات السيارات والطيران والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية والسياحة، رافعة أساسية لاقتصادنا الصاعد، سواء من حيث الاستثمارات، أو من حيث خلق فرص الشغل.وجعلت المغرب يتميز بتعدد وتنوع شركائه، واصبح المغرب أرضا للاستثمار الدولي، وشريكا مسؤولا وموثوقا، حيث أصبح الاقتصاد الوطني،مرتبط بما يناهز ثلاثة ملايير مستهلك عبر العالم. 6- التأكيد على المغرب الصاعد لكونه يتوفر على مهلات تنافسية .انطلاقا من البنية التحتية التي تتعزز بإطلاق أشغال تمديد خط القطار فائق السرعة، يربط بين القنيطرة والرباط ومراكش، وكذا مجموعة من المشاريع الضخمة، كالمرتبطة بمجال الأمن المائي والغذائي والطاقي… كل ذلك يؤهل المغرب لدخول نادي الدول الصاعدة.7-توجيه ملكي لربط البنية التحتية بتحسين ظروف عيش المواطنين.لا يكتفي التوجه الملكي بوجود بنية تحتية مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية، إلا اذا ارتبطت بشكل ملموس بتحسين ظروف عيش كل الفئات الاجتماعية، و بجميع المناطق والجهات. لذا، قياسا على برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر التي تستحقه.8-توجه ادماج معطيات الإحصاء العام للسكان ضمن السياسات العمومية. لقد أبانت نتائج الإحصاء العام للسكان 2024 عن مجموعة من التحولات الديمغرافية والاجتماعية والمجالية، التي تكون موضوع اهتمام المؤسسات عند إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، و ذلك بتغيير مؤشر النمو ومواجهة مستوى الهشاشة والفقر متعدد الأبعاد، على الصعيد الوطني، لأنه ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، والتطلع إلى تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية.وبالرغم من ان الفقر نزل من نسبة 11,9 في المائة سنة 2014، إلى 6,8 سنة 2024. واجتياز المغرب لعتبة مؤشر التنمية البشرية هذه السنة ، قياسا على مؤشرات تعتمدها الدول التي تعمل بمشاريع “التنمية البشرية العالية”.9-دعوة صريحة إلى الخروج من مغرب يسير بسرعتين.لقد حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية. ودعوة جلالة الملك كانت صريحة إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة، وجعل ثمار التقدم والتنمية لكل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء.-توجيه الحكومة لاعتماد جيل جديد من المشاريع التنموية وفق أربع أولويات.وجه جلالة الملك الحكومة نحو اعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، يرتكز على تثمين الخصوصيات المحلية، وتكريس الجهوية المتقدمة، ومبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية.وينبغي أن تقوم هذه البرامج، على مقاربة التقائية توحد جهود مختلف الفاعلين، حول أولويات واضحة، ومشاريع ذات تأثير ملموس، تهم على وجه الخصوص :– أولا : دعم التشغيل، عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية الجهوية، وتوفير مناخ ملائم للمبادرة والاستثمار المحلي.– ثانيا : تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية، خاصة في مجالي التربية والتعليم، والرعاية الصحية، بما يصون كرامة المواطن، ويكرس العدالة المجالية.– ثالثا: اعتماد تدبیر استباقي ومستدام للموارد المائية، في ظل تزايد حدة الإجهاد المائي وتغير المناخ.– رابعا : إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج، في انسجام مع المشاريع الوطنية الكبرى، التي تعرفها البلاد.10-أوامر ملكية لوزارة الداخلية لإعداد منظومة مؤطرة لانتخابات 2026.ان الانتخابات التشريعية المقبلة، ستكون في موعدها الدستوري والقانوني العادي، وطالب بضرورة توفير المنظومة العامة، المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية والتي تحدد زمنيا في حوالي خمسة أشهر . مؤكدا على الإعداد الجيد، للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.11-التوجه الملكي الموازي والراسخ.ينطلق جلالة الملك من قناعة قوية لترسیخ مكانة المغرب كبلد صاعد، ويؤكد على التزامه بالانفتاح على المحيط الجهوي، وإبقاء اليد ممدودة والباب مفتوح مع الجارة الجزائر و التأكيد على ان الشعب الجزائري الشقيق وبكل صدق واحترام ووضوح. يعلن صفته كملك للمغرب عن موقفه الواضح والثابت من مكانة الشعب الجزائري لديه، ويصفه بالشقيق و تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك، وعبر عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين، وتجاوز هذا الوضع المؤسف.حيث يؤكد تمسكه بالاتحاد المغاربي، الذي لن يكون قطعا بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة.12-مغربية الصحراء ثابتة ومبادرة الحكم الثاني حل نهائي ومرضي لجميع الأطراف.ان الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، يؤكد على انها الحل الوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.وان انضمام المملكة المتحدة، وجمهورية البرتغال، الى قائمة الدول التي تساند مبادرة الحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب على صحرائه، مكسب جديد يعزز مواقف العديد من الدول عبر العالم. التي تنتصر للحق والشرعية، وجلالة الملك حريص على أن الحل التوافقي، لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف هو الحكم الذاتي.الدكتور احمد درداري رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات




