
أعادت واقعة طرد سيدة مغربية محجبة من أحد المسابح الخاصة الجدل إلى الواجهة حول الحريات الفردية وحق النساء في ارتداء ما يشأن داخل الفضاءات العمومية والخاصة، دون تمييز أو إقصاء.
الواقعة التي وثقتها المدونة كوثر نوري، والتي أثارت تفاعلا واسعا على منصات التواصل، تكشف وجها آخر من الازدواجية التي أصبحت تميز بعض مؤسسات الاستجمام بالمغرب. ففي الوقت الذي تُفتح فيه الأبواب أمام مظاهر اللباس المنفتح وتُعرض المشروبات الكحولية دون قيد، يتم التضييق على امرأة فقط لأنها اختارت ارتداء غطاء للرأس.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: بأي منطق يُمنع مواطن أو مواطنة من دخول مسبح بسبب لباسه المحتشم؟ هل أصبح الحجاب رمزا مرفوضا داخل بعض المؤسسات التي تدعي الانفتاح، لكنها تمارس أقصى درجات الإقصاء والتمييز حين يتعلق الأمر بالهوية الدينية أو الثقافية؟
الأخطر من ذلك أن السيدة نفسها، كما صرّحت، زارت عددا من الفنادق والمسابح في الولايات المتحدة، بما في ذلك ولاية فلوريدا، ولم تتعرض في أي مرة للإقصاء أو المنع. فكيف يُقبل ما لا يقبله الغرب في بلداننا، وتُفرض قيود لا أساس لها من القانون أو الذوق العام؟
حرية اللباس ليست امتيازا يمنح لهذا أو ذاك، بل حق مكفول للجميع، ما لم يكن فيه إخلال بالأدب العام أو تهديد للغير. الحجاب ليس جريمة، ولا يُفترض أن يكون سببا للإهانة أو الطرد، وإلا فنحن أمام خلل عميق في فهم معنى الحرية والاحترام المتبادل.
إن ما وقع ليس مجرد تصرف فردي، بل مرآة لتوجهات خطيرة بدأت تطفو على السطح، تستهدف كل من يختار أن يظل وفيا لهويته الدينية أو الثقافية. وهذا ما يستدعي وقفة مجتمعية حازمة ضد أي شكل من أشكال الإقصاء الممنهج تحت غطاء الحداثة المزيفة.