حين فقد الشعبي بريقه في موازين.. اعاده المستشفى الى الواجهة بشكل صادم

اثار مقطع فيديو متداول على منصات التواصل موجة غضب واسعة، بعدما ظهر طاقم طبي يجري عملية جراحية داخل غرفة العمليات، بينما تعلو المكان اصوات موسيقى الشعبي بشكل صاخب، في مشهد وصفه كثيرون بالمهزلة الصحية والعبث المهني غير المقبول.
الواقعة التي قيل انها جرت باحدى المصحات بالمغرب، اعادت الى الواجهة سؤالا مؤرقا يتعلق باخلاقيات المهنة الطبية وحدود ما يمكن التساهل معه داخل اكثر الفضاءات حساسية، حيث يفترض ان تسود المهنية والهدوء والتركيز خلال كل تدخل جراحي.
كيف يعقل ان تتحول غرفة العمليات الى ما يشبه الفرجة، بينما يرقد على طاولة الجراحة مريض يستحق اعلى درجات العناية؟ ما الرسالة التي يبعثها هذا التصرف للرأي العام، في وقت يعاني فيه النظام الصحي من ازمات الثقة والمراقبة والانضباط؟
العملية الطبية ليست مشهدا استعراضيا ولا مناسبة لتحريك الاجواء، بل لحظة دقيقة تتطلب انضباطا صارما وظروفا نفسية وصوتية وطبية ملائمة لضمان سلامة المريض. اما ان يتحول هذا الفضاء الى مسرح لعبث لا مهني، فذلك يعد تجاوزا خطيرا لا يمكن تبريره.
ولعل اكثر ما زاد من فداحة المشهد هو ذلك الانسجام الغريب مع الايقاع، كأن الامر يتعلق بسهرة صاخبة داخل ناد ليلي وليس بعملية جراحية. لم ينقص الاحتفال سوى قنينة تزيد من وهج السهرة!
المطلوب اليوم ليس فقط فتح تحقيق في الواقعة وتحديد المسؤوليات، بل مراجعة ثقافة العمل داخل المؤسسات الصحية، ووضع ضوابط صارمة تفصل بين العمل المهني والانزلاقات التي تسيء الى صورة القطاع، وتضرب مصداقية الاطر الطبية التي تشتغل بجدية وسط ظروف صعبة.
الصحة العمومية ليست مجالا للتهريج، وحياة المواطنين لا تدار على نغمات العود والدربوكة.