
بقلم: المسكين يوسف
بشرى للمواطنين: وزير الصحة الحنون تكفل بعلاج رضيعة من اكادير
نعم، الوزير الذي يحمل على كتفيه الام الملايين، قرر ان يدخل التاريخ من بابه الواسع، وان يتدخل لانقاذ طفلة واحدة فقط. خطوة بطولية ستكتب بمداد من ذهب، وستدرس للاجيال القادمة في كتب التربية الوطنية: “كيف تنقذ طفلة وتتجاهل شعبا باكمله” !
وكما يقول المثل المغربي: “شحال قدك من استغر الله يالبايت بلا عشا”… وهذا بالضبط حال حكومة اخنوش: شحال قدك يا التهراوي من التكفل، والنصف من المواطنين مريض!
نحن ممتنون، طبعا. فتكفل الوزير بعلاج الطفلة ليس من جيبه، لكنه كرم لا مثيل له. وكاننا امام وليمة كبرى، والوزير الكريم قرر ان يوزع قطعة خبز يابسة على جائع، ثم يبتسم امام الكاميرا وكانه منح مفاتيح الجنة.
ولكي لا ننسى الفضل، نشكر كذلك رئيس الحكومة الذي خص منطقة سوس باستثماراته الجبارة، حتى صار اهلها يعيشون بين المصانع الوهمية والاحلام الورقية.
اما الطبيب “المشاغب” الذي فضح المستشفى، فهذا عدو التقدم! فبدلا من ان يحمد الله على مستشفى الموت الذي يليق بنا ويذكرنا باخرتنا، قرر ان يفضح العورات ويهز استقرار الامة. الا يعلم ان الفتنة اشد من القتل؟ وان الصمت فضيلة؟ وان الحكومة لا تحب الازعاج في فترة التحضير لكاس افريقيا؟
يا دكتور، اتق الله! نحن على ابواب تنظيم كاس افريقيا، وبعدها كاس العالم، ووجوه وزرائنا حزينة اصلا لانهم يضحون بنا من اجل ان نصفق للعالم، فكيف تشوش على احلامهم الوردية؟
ثم الا تعلم ان وزيرة كريمة اخرى ذبحت حلم 30 الف طفل من ذوي الاعاقة، لكنها بكت بصدق ودموعها اغرقت مكاتب الوزارة؟
الا تعلم ان سي فوزي القجع، ايقونة الرياضة، وزع 500 مليون على مؤثرين اجانب من اجل ان يقولوا لنا: واو.. ملعبكم زوين؟
الا تعلم ان حبيب القلوب اخنوش يصرف من جيبه (طبعا جيبنا احنا) من اجل تحلية مياه البحر حتى لا نموت عطشا؟
الا تعلم اننا صرفنا ملايير الدراهم على مدارس الريادة حتى يقرا التلميذ على الطريقة الفلسفية: 2+2= استثمار اجنبي؟
شكرا حكومتنا العزيزة… مزيدا من التضحية، مزيدا من الصبر، مزيدا من التطبيل. فنحن شعب لا يعرف اين تكمن مصلحته: في الجوع ام في العطش، في المرض ام في الجهل.
وانا بدوري ابعث برسالة الى وزيرنا الحنون امين التهراوي:
سيدي الوزير، تكفل بي، فانا مريض… بمرض خطير اسمه التفكير، ولا اجد له علاجا في مستشفياتكم!




