المغرب

حصيلة امنية بلغة الارقام والتحول العميق: الامن الوطني يرسم ملامح شرطة المستقبل سنة 2025

كشفت المديرية العامة للامن الوطني عن حصيلتها السنوية لسنة 2025، في لحظة دقيقة يطبعها تصاعد التحديات الامنية اقليميا ودوليا، وهي حصيلة لا تقتصر على عرض المعطيات الاحصائية، بقدر ما تعكس مسارا متدرجا لاعادة هيكلة المرفق الشرطي وتحديث فلسفة اشتغاله، بما يجعله اكثر قربا من المواطن واكثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات الامن المعاصر.

وخلال سنة 2025، واصل الامن الوطني تنزيل اوراش كبرى اعادت رسم الخريطة المؤسساتية للشرطة المغربية، من خلال الانتقال التدريجي نحو نموذج اداري حديث يعتمد الرقمنة والتكامل الوظيفي. ويبرز في هذا السياق اقتراب دخول المقر المركزي الجديد بالرباط حيز الاستغلال، باعتباره مجمعا اداريا متطورا صمم لتجميع المصالح المركزية وتحسين حكامة التدبير. كما شكل افتتاح المعهد العالي للعلوم الامنية بافران محطة مفصلية في مسار تكوين الاطر، من خلال الجمع بين التكوين التطبيقي والبحث العلمي والانفتاح على الشراكات الدولية.

وعلى المستوى الترابي، واكب الامن الوطني التحولات العمرانية والديمغرافية التي تعرفها المدن المغربية، عبر احداث مصالح شرطية جديدة وترقية عدد من المفوضيات الى مناطق امنية، ما سمح بتقليص الضغط على المصالح القائمة وتعزيز الحضور الميداني في الاحياء والفضاءات العمومية.

وفي اطار ترسيخ شرطة القرب، شهدت سنة 2025 توسعا في دوائر الشرطة وتحديثا ملحوظا لوسائل التدخل، سواء من حيث اسطول المركبات او تجهيزات العمل الميداني. كما جرى تعميم قاعات القيادة والتنسيق المعتمدة على انظمة المراقبة بالكاميرات، الامر الذي انعكس على سرعة التدخل وفعالية تدبير الحالات الطارئة، خاصة في المدن الكبرى والمناطق ذات الجاذبية السياحية.

اما على صعيد التحول الرقمي، فقد واصل الامن الوطني نقل جزء مهم من خدماته الى الفضاء الرقمي، من خلال تطوير منصة E-Police وتوسيع رقمنة المساطر المرتبطة بالوثائق التعريفية وشهادات السوابق، مع اعتماد اداء الكتروني اسرع والتحقق الرقمي من المعطيات. كما تم تعزيز الوحدات المتنقلة لتقريب الخدمات من سكان المناطق النائية ومغاربة العالم، في خطوة قلصت اجال الانتظار وحسنت جودة الخدمة العمومية.

وفي ما يتعلق بالامن العام، ابرزت حصيلة 2025 تحكما ملحوظا في المؤشرات العامة للجريمة، مع تسجيل تراجع في بعض الجرائم العنيفة والسرقات الخطيرة، وارتفاع معدل الزجر، ما يعكس نجاعة المقاربة الامنية المبنية على الاستباق والتحليل الميداني. كما واصلت المصالح المختصة تفكيك الشبكات الاجرامية المنظمة، خاصة في مجال الاتجار في المخدرات، مع تسجيل تراجع في انتشار بعض المواد الخطيرة.

وشملت الجهود الامنية ايضا محاربة الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر، الى جانب تعزيز قدرات التصدي للجرائم السيبرانية، من خلال تتبع المحتوى الاجرامي وتطوير اليات التبليغ والمعالجة الرقمية. وفي المجال المالي والاقتصادي، انخرط الامن الوطني في ابحاث دقيقة لمحاربة غسل الاموال والاحتيال والتزوير، اسفرت عن حجز اموال وممتلكات مهمة، بما يعزز حماية النظام الاقتصادي الوطني.

وفي ملف مكافحة الارهاب، واصلت المصالح الامنية اعتماد المقاربة الاستباقية القائمة على العمل الاستخباراتي والتنسيق بين مختلف المتدخلين، ما مكن من تحييد تهديدات محتملة وحماية الامن الوطني من مخاطر عابرة للحدود.

كما عرفت السلامة الطرقية حضورا قويا ضمن اولويات العمل الامني خلال سنة 2025، عبر تكثيف المراقبة والزجر ضد السلوكيات الخطيرة، خاصة السياقة الاستعراضية، في اطار مقاربة تهدف الى الحد من حوادث السير وحماية الارواح.

وعلى المستوى الدولي، عزز المغرب موقعه كشريك امني موثوق، من خلال توسيع مجالات التعاون مع عدد من الدول والمساهمة في مكافحة الجريمة العابرة للحدود، فضلا عن احتضان تظاهرات امنية دولية، وهو ما يعكس الاعتراف المتزايد بنجاعة التجربة الامنية المغربية.

ولم تغب الابعاد الاجتماعية والانسانية عن حصيلة 2025، حيث واصلت المؤسسة الامنية دعمها الاجتماعي والصحي لفائدة موظفيها ومتقاعديها وذوي حقوقهم، الى جانب تعزيز قيم التخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يسهم في ترسيخ الثقة بين المواطن والشرطة.

وتبرز حصيلة سنة 2025 ان الامن الوطني لا يراهن فقط على منطق الزجر، بل يسير بثبات نحو بناء نموذج امني متوازن، يجمع بين الفعالية الميدانية وجودة الخدمة والانفتاح على المواطن، في انسجام مع التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى