حزب الوردة يريد مقاعد جاهزة للنساء.. “فتحي يا وردة”

مرة أخرى، يطل علينا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأفكاره العجيبة حول الديمقراطية والمناصفة، لكن على طريقته الخاصة. الحزب الذي كان يفترض أن يدافع عن توسيع المشاركة الشعبية وفتح المجال أمام التنافس الحر، اختار الطريق الأسهل: مقاعد محجوزة سلفا، وكأننا في مطعم يوزع الطاولات على “زبنائه الأوفياء”.
في مذكرته الأخيرة، طالب الحزب بتخصيص 132 مقعدا برلمانيا للنساء، وكأن البرلمان أصبح صالونا مغلقا يحتاج إلى “كوطا” إلزامية، لا ساحة انتخابية مفتوحة للمنافسة. بدل أن يشجع النساء على دخول المعترك السياسي بكفاءتهن وقدرتهن على الإقناع، يريد الحزب أن يمنحهن مقاعد مجانية بضغطة قلم. فأي عدالة انتخابية هذه التي تتحول فيها المنافسة إلى منحة اجتماعية؟
الأغرب أن الحزب نفسه يقترح أن يخصص 50 في المائة من الترشيحات محليا للنساء، بمعنى أن نصف لوائح الانتخابات يجب أن تكون جاهزة بأسماء نسائية، بغض النظر عن التجربة أو الكفاءة أو القدرة على خدمة المواطنين. والنتيجة المتوقعة واضحة: برلمان نصفه “كوطا” والنصف الآخر تحالفات، فيما تظل الكفاءة والقدرة آخر ما يفكر فيه الساسة.
ولم يكتف الحزب بذلك، بل جاء باقتراح اعتماد لوائح إقليمية خاصة بالنساء، عوض اللوائح الجهوية المعمول بها. وكأننا أمام “تقسيم جغرافي انتخابي” مصمم على مقاس الوردة، بحثا عن المزيد من المقاعد السهلة بدل مواجهة صناديق الاقتراع بجدية.
المفارقة الصارخة هنا أن حزبا ظل لعقود يتغنى بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يريد اليوم أن يحول السياسة إلى توزيع حصص وكوطا جاهزة. بدل أن يرفع من مستوى النقاش العمومي ويشجع النساء على بناء مسارات سياسية قوية، يكتفي بإبداع طرق جديدة لملء البرلمان بأسماء بلا تجربة حقيقية، فقط لإرضاء الأرقام.
الخلاصة أن “الوردة” لم تعد تبحث عن بساتين حقيقية تنمو فيها الديمقراطية، بل عن قوارير بلاستيكية توضع في الواجهة لتزيين المشهد. وهكذا، تصبح المناصفة مجرد شعار، والديمقراطية مجرد ديكور، والبرلمان مجرد مقاعد شاغرة توزع حسب الهوى.