جراندو في ميزان النضال :السجن في كندا

أولا: جراندو والتحليل السياسي
لعل المتتبع لخرجات جرندو يلاحظ كيف كان يتغنى بالديموقراطية الغربية، ويهاجم المغرب متهما إياه بالقمع السياسي والإجهاز على الحريات. لكن اليوم، الديموقراطية التي ظل يقدسها ويغني لها، تصدر حكما ضده بالسجن والغرامة المالية. مع الإشارة إلى أن المطالب بالحق المدني مغربي، وليس كنديا، ولو كان كذلك، لربما تجاوز الحكم عشر سنوات، نظرا لخطورة التهم المرتبطة بالتشهير والابتزاز.
القضاء الكندي لم يكن منصفا بشكل كاف، بالنظر إلى حجم الأضرار النفسية التي لحقت بالمدعي وأسرته، وما خلفه جراندو من أذى ممنهج ومقصود. وفي المقابل، يظهر هذا الحكم هشاشة فهم جراندو للديموقراطية، وسذاجته السياسية، حيث ظن أن مدح الغرب كفيل بمنحه الحصانة، ناسيا أن زمن الشعراء المتزلفين قد ولى.
كل القصائد التي تفنن فيها لتمجيد الديموقراطية الغربية، لم تشفع له أمام القضاء الكندي. فحتى من كان يعتقد أن المغرب ظلمه، راجع موقفه، لأن الحكم صدر من دولة مستقلة عن المغرب في قوانينها ومؤسساتها، ولأن خرجاته كانت فوق أرض كندا.
جراندو لم يستوعب بعد أن الديموقراطية لا تعني السب والقذف والتشويه، بل تعني احترام القانون والمؤسسات. لقد استقى مفاهيمه من نقاشات سطحية، مفادها أن الغرب ديموقراطي والجنوب قمعي، وهو فهم ساذج يتبناه من لا اطلاع له على أبجديات الفكر السياسي.
ثانيا: مسرحية الإضراب عن الطعام
بعد صدور الحكم، حاول جرندو الالتفاف على القضية باللجوء إلى إضراب عن الطعام، مدعيا أنه معتقل سياسي. وهنا يجب التمييز بين من يسجن بسبب الرأي، ومن يُدان بجريمة يعاقب عليها القانون.
في حالة جراندو، الحكم صدر عن محكمة كندية، في قضية مدنية، بناء على شكاية وترافع، وليس له أي بعد سياسي. ومع ذلك، يحاول خلط الأوراق وتضليل الرأي العام بادعاء النضال.
الغريب أن السجن كندي، والقضاة كنديون، ولا علاقة للمغرب بالحكم لا من قريب ولا من بعيد. إلا إذا كنا سنصدق أن عبد اللطيف الحموشي يتحكم في كندا، وأن هذه الأخيرة أصبحت ولاية تابعة للمغرب. وهنا، يحق لنا أن نعاتب الحموشي، لأنه لم يخبر المغاربة أنهم أصبحوا يملكون ولاية في قارة أمريكا، حتى نستعد للحرب المقبلة مع ترامب، فمن يدري؟ ربما نكون نفكر أيضا في غزو أمريكا.




