تفعيل خاصية Country Label يكشف شبكة حسابات اجنبية تستهدف المغرب

اطلق تفعيل خاصية الكشف عن بلد الحساب على منصة اكس خطوة جديدة في مسار محاربة حملات التضليل الرقمي، لكنه في الوقت نفسه كشف معطيات مقلقة تتعلق بتربص جهات اجنبية بالمغرب عبر ادارة حسابات وهمية تتخذ من الخطاب الاحتجاجي ستارا لاغراض اخرى.
فمنذ اول امس الجمعة، بدأت الخاصية تظهر بجانب عدد من الحسابات التي نشطت بكثافة خلال موجة الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في اواخر شتنبر وفي اكتوبر الماضي. وهنا برزت مفاجأة لافتة: العديد من تلك الحسابات التي تدعي الانتماء الى حركة جيل زد 212 لا علاقة لها بالمغرب، بل تدار من دول اجنبية، في مقدمتها الجزائر وكندا، اضافة الى دول عربية اخرى بعضها يعلن صداقته للمملكة.
هذه المعطيات التي رصدها خبراء في تحليل البيانات الرقمية تؤكد مرة اخرى ان جزءا من النقاش العمومي على المنصات لا يعكس بالضرورة الموقف الداخلي الحقيقي، بل هو نتاج تدخلات خارجية منظمة، تستغل اللحظات الاجتماعية الحساسة لدفع خطاب معين او تضخيم وقائع محدودة. وهي استراتيجية تعتمد على تكثيف المحتوى وتكراره عبر عشرات الحسابات التي تبدو للمستخدم العادي وكانها اصوات مغربية، بينما هي في الواقع جزء من شبكة موجهة.
كما يشير تحليل التفاعل الى ان تلك الحسابات لم تكن تكتفي بالنشر، بل كانت تستعمل تقنيات الرفع الاصطناعي للترند، عبر اعادة النشر المتزامن والتعليق المكثف، بهدف فرض سردية واحدة حول احداث الاحتجاج، واستبعاد الاصوات التي تقدم قراءة موضوعية او معطيات مضادة.
هذا الوضع يطرح سؤالا مركزيا حول الامن الرقمي الوطني، وحول قدرة المؤسسات والاعلام والمجتمع المدني على مواكبة هذا التحول الذي يجعل الساحة الافتراضية مجالا مفتوحا لتصفية الحسابات الجيوسياسية. كما يعيد الى الواجهة النقاش حول اهمية التحقق من مصادر المعلومات، وعدم الانسياق وراء حملات منظمة قد تبدو عفوية لكنها تخدم اجندات خارجية.
ورغم ان خاصية Country Label ليست اداة معصومة من الخطا، فانها قدمت مؤشرا اوليا حول طبيعة بعض الجهات التي حاولت الاستثمار في التعبيرات الاجتماعية الاخيرة بالمغرب. كما انها كشفت حجم الرهانات المتزايدة على الفضاء الرقمي باعتباره ساحة رئيسية للتاثير ومحاولة صناعة الراي العام.
في النهاية، يكشف هذا التطور حاجة المغرب الى استراتيجية وطنية متكاملة للامن الرقمي، تجمع بين اليقظة التقنية، والتوعية المجتمعية، وتقوية الاعلام المهني في مواجهة التضليل. فالمعركة اليوم لم تعد فقط حول ما يجري في الشارع، بل ايضا حول ما ينشر على الشاشات، وما يخطط له من وراء الحدود.




