تحفيز نسوة.. برنامج جميل على الورق ونفاق مفضوح على الأرض

من جديد تطل علينا الحكومة بشعارات براقة عن “تمكين النساء” و”الاقتصاد الاجتماعي” و”المقاولات النسائية”، عبر برنامج جديد أطلقت عليه اسم تحفيز–نسوة، بشراكة مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، وبحضور رسمي وابتسامات ديبلوماسية. لكن خلف هذه الصور الملتقطة بعناية، تختبئ حقيقة مرة يعرفها الجميع: المرأة المغربية العاملة لا تحتاج إلى الشعارات، بل إلى الكرامة في الميدان.
الوزير لحسن السعدي تحدث عن مواكبة التعاونيات النسائية وتمويل المشاريع ومواكبة تقنية وإدارية، وكأن النساء المغربيات يعشن في عالم من التعاونيات الناجحة والأسواق المفتوحة والفرص المتاحة. لكن لنسأل: أين هي العاملات في الضيعات الفلاحية اللواتي يشتغلن في ظروف قاسية بأجور هزيلة؟ أين نساء معامل الكبلاج اللواتي يبدأن يومهن قبل طلوع الشمس ويعدن إلى بيوتهن منهكات بأجور لا تكفي حتى لتغطية حاجيات أسرهن؟
أي تحفيز هذا الذي لا يشمل العاملات الحقيقيات؟ وأي تمكين هذا الذي يتحدث عن “الاقتصاد التضامني” في وقت لا تزال فيه نساء القرى يقطعن الكيلومترات لجلب الماء والحطب؟ كيف يمكن لحكومة رجال الأعمال ونساء الأعمال أن تتحدث عن التمكين الاقتصادي وهي نفسها من تُحطم النقابات وتغض الطرف عن استغلال العاملات في الحقول والمعامل؟
هذه البرامج الموجهة للتعاونيات النسائية – رغم أهميتها النظرية – تبقى في النهاية ديكورا سياسيا لتجميل وجه حكومة لا تملك رؤية اجتماعية حقيقية. فالأموال تصرف على المؤتمرات والدراسات والاستشارات، بينما النساء اللواتي يصنعن الخبز والفلاحة والنسيج اليومي لهذا الوطن لا يجدن حتى من يصغي إليهن.
التمكين لا يكون عبر الكاميرات والندوات، بل عبر سياسات تحمي النساء من الهشاشة والاستغلال وتضمن لهن الأجر العادل والكرامة في العمل. أما “تحفيز–نسوة”، فليس سوى عنوان جديد في مسرح السياسة المغربية، حيث يصفق الجميع بينما النساء البسيطات يواصلن الصراع في صمت.