نظمت محكمة الإستئناف بتازة، أمس الثلاثاء، يوما دراسيا بالتزامن مع تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية، تحت شعار “السلامة الطرقية –واقع وأفاق”.
ويهدف هذا اليوم الدراسي، فتح النقاش والتواصل والحوار بين أسرة القضاء ومختلف المتدخلين والشركاء من سلطات محلية وأمنية وقطاعات حكومية والمجتمع المدني، للوقوف على مختلف التدابير المعتمدة للحد من خطورة حوادث السير، وما تخلفه من انعكاسات وخيمة اقتصادية واجتماعية وبشرية تعيق سير عجلة التنمية.
وشكل هذا اللقاء، فرصة لإبراز المجهودات التي يبذلها مختلف المتدخلين في منظومة السلامة الطرقية، من أجل الحد من حوادث السير، بتقديم مجموعة من العروض والمداخلات تناولت بالعرض والتحليل ملامسة التحديات المختلفة التي تطرحها آفة حوادث السير، والإشكاليات وكذا الإكراهات التي يفرزها التطبيق العملي لمدونة السير على أرض الواقع.
وفي كلمته الافتتاحية وقف محمد أقوير، الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بتازة، على الأرقام المسجلة سنة 2023 لحصيلة حوادث السير على المستوى الوطني والصادرة عن المديرية العامة للأمن للوطني، وما تشكله اليوم من متاعب سلبية على صحة المواطنين وسلامتهم، حيث أصبحت تحصد يوميا حياة الآلاف من المواطنين أغلبهم من الشباب، فضلا عن خسائر متعددة تتعلق بالممتلكات العامة والمواطنين، مخلفة بذلك تكلفة اقتصادية باهظة فضلا عن المآسي الاجتماعية.
ودعا الوكيل العام إلى تكثيف الجهود لتغيير سلوك المواطن في علاقته بالاستعمال الطرقي، واعتماد مقاربة شمولية تشاركية ومندمجة، بالتطبيق السليم والصارم للقانون في حق المخالفين لأحكامه بالحزم والجزم اللازمين، وكذا عبر الوقاية والتحسيس في أفق تكريس السياقة المواطنة.
من جهته، أبرز الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بتازة، محمد الصقلي الحسني، أن اليوم الدراسي، يأتي في إطار تخليد محكمة الإستئناف بتازة لليوم الوطني للسلامة الطرقية، وهو تقليد سنوي دأبت عليه محكمة الإستئناف بالسنين الأخيرة، ويعتبر مناسبة للانفتاح على كافة السلطات والمتدخلين بمجال السلامة الطرقية ومناقشة موضوعها من الناحيتين القانونية والعملية، فضلا عن تقييم نجاعة التدابير المتخذة، خاصة أمام المنحى التصاعدي لعوامل حوادث السير، والتي عرفت زيادة بنسبة 7 بالمائة سنة 2023 مقارنة بنظيرتها 2022، وهي الحصيلة التي تلزم من جميع المتدخلين وقفة تأمل لإحداث رجة حقيقية من أجل تقليص هذه الأرقام المخيفة.
وأضاف، ان أهمية اليوم الدراسي، تكمن في البحث عن الحلول لتقليل من المؤشرات السلبية لحوادث السير من منظور مختلف الفرقاء المعنيين، والمواقف القضائية الراسخة بشأنها والمقترحات الكفيلة بتجويد مختلف التدخلات لضمان التنزيل السليم لأهداف الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، وتعزيز الوعي بأهمية تحقيق الأمن الطرقي ترسيخا لمنظومة طرقية آمنة، وأضاف أيضا، ان الهدف من هذا اليوم الدراسي، هو تبادل الأفكار والخبرات حول ورش يكتسي راهنية متجددة ذات أبعاد اقتصادية وإنسانية واجتماعية، وفق مقاربة تشاركية مندمجة عمادها التعاون والتنسيق بين جميع الفرقاء المعنيين بشأن السامة الطرقية.
وأشارت جميع المداخلات إلى جملة من الأسباب الكامنة وراء حوادث السير المسجلة بالمنطقة، والمخالفات المرتبطة بها والتي يتداخل فيها عامل العنصر البشري بعدم احترام علامات وإشارات المرور من طرف مستعملي الطريق، وهشاشة البنيات الطرقية وغيرها من الأسباب اللوجستية وكذا تلك المرتبطة بالشروط والمعطيات السوسيو ثقافية لمستعملي الطريق.
المداخلات عملت على تقديم تشخيص دقيق لأسباب حوادث السير بمدينة تازة، من خلال عرض قدمه المستشار عبد الله الشورافي، تناول فيه الأسباب المباشرة بحوادث السير بالمجال الحضري لتازة، تتقاسمها سلوكيات مستعملي الطريق والبنية البنية الطرقية، فضلا عن بعض الأشغال بمجموعة من الطرقات وسط المدينة وبالشوارع الرئيسية، مع تقديم مجموعة من المقترحات للحد من الظاهرة. فيما قدم محمد بن علي، ممثل الأمن الجهوي لتازة، عرضا تناول خلاله، الاستراتيجية الأمنية بمجال السلامة الطرقية، والأسباب المباشرة في ارتفاع حوادث السير، حيث سجلت مصلحة حوادث السير التابعة للأمن الجهوي بتازة سنة 2023، أربعة قتلى و1406 من الجرحى، مخلفة عن 928 حادثة سير، أربعة منها مميتة، وتسع حوادث خطيرة خلفة 13 إصابة خطيرة، و793 حادثة خفيفة، خلفت 1389 إصابة متفاونة الخطورة.
نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتازة، ياسين عدلي، تناول من خلال عرضه، الإشكالات العملية في مدونة السير على ضوء قرارات محكمة النقض. اما ممثل الدرك الملكي، أيوب الطهري، فتناول بعرضه مهام وعمل الدرك الملكي في إطار السلامة الطرقية، وإحصائيات سنة 2023 المسجة على مستوى القيادة الجهوية للدرك الملكي بتازة، حيث سجلت 424 حادثة سير خلفت 811 ضحية (28 قتلى، 39 إصابة خطيرة، 744 إصابة خفيفة)، كما أنجزت ما مجموعه 33 ألف و453 مخالفة قانون السير، بلغت مخالفة الإفراط في السرعة حوالي 50 بالمائة منها ب 16 ألف و528 مخالفة. عبد السلام سال، رئيس المصلحة الإقليمية للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية بتازة، تناول بعرضه الخطوط العريضة للاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية 2017 -2026.
وأوصى المتدخلون بضرورة التحيين المستمر لمدونة السير، وملاءمة التشريعات والقوانين ذات الصلة، والتقييم الجماعي لحصيلة العمل المنجز على مستوى تنزيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية ومختلف التدابير المعتمدة للحد من خطورة حوادث السير وما تخلفه من انعكاسات وخيمة مادية ومالية وبشرية تعيق سير عجلة التنمية، مؤكدين على ضرورة تظافر الجهود من أجل مواجهة هذه الآفة.
كما دعوا إلى اعتماد مقاربة شمولية واجتماعية واستباقية في معالجة موضوع السلامة الطرقية، وضرورة انخراط جميع المتدخلين في النهوض بالبنى الطرقية وجوانب التشوير والإضاءة كأحد الأسباب الرئيسية في تسجيل حوادث السير.