المغرب

بنموسى يعلن عن ورش جديد لتحديث البحث الوطني حول التشغيل: خطوة نحو استقلالية القرار الإحصائي

كشف شكيب بنموسى المندوب السامي للتخطيط عن انخراط المندوبية في ورش إصلاح واسع يهدف إلى تحديث البحث الوطني حول التشغيل، في خطوة تعكس رغبة المؤسسة في تطوير أدواتها المنهجية وتعزيز مصداقية بياناتها، بعيدا عن أي تأثير سياسي أو توجيه إداري.

تصريحات بنموسى تأتي في سياق يعرف نقاشا متزايدا حول علاقة الإحصاء بالقرار العمومي، وحول مدى استقلالية المؤسسات المنتجة للمعطيات في مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية. فالمندوبية السامية للتخطيط، باعتبارها المرجع الرسمي في إنتاج الإحصائيات الوطنية، تتحمل مسؤولية مزدوجة: تقديم صورة دقيقة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وضمان أن تظل تلك الصورة موضوعية وغير خاضعة لأي توظيف ظرفي.

حديث بنموسى عن “منهجية علمية دقيقة” يعكس وعيا بأهمية المصداقية في زمن أصبحت فيه الأرقام أداة للصراع السياسي أكثر من كونها وسيلة للفهم والتقييم. فالإصلاح المعلن لا يرتبط فقط بتقنيات البحث الميداني أو أدوات جمع البيانات، بل يتجاوز ذلك إلى بناء ثقة جديدة بين المواطن والمؤسسات.

كما أن تحديث البحث الوطني حول التشغيل يحمل رهانا استراتيجيا، بالنظر إلى حساسية ملف الشغل في المغرب، وما يطرحه من تحديات مرتبطة بالبطالة، والهشاشة، واندماج الشباب في سوق العمل. لذلك فإن اعتماد معايير علمية محايدة في جمع وتحليل المعطيات من شأنه أن يمد صناع القرار بقاعدة بيانات صلبة، تساعد على صياغة سياسات واقعية وفعالة.

من جهة أخرى، يمكن اعتبار هذا الإصلاح خطوة في اتجاه ترسيخ ثقافة الحكامة الإحصائية، التي تقوم على الشفافية والمساءلة، وتقطع مع منطق “الأرقام الانتقائية” الذي يضر بثقة الرأي العام في مؤسسات الدولة. فالمعركة اليوم ليست فقط مع الأرقام، بل مع طريقة إنتاجها وتوظيفها.

باختصار، إعلان بنموسى ليس مجرد إجراء إداري، بل إشارة إلى تحول ثقافي في التعامل مع المعرفة الإحصائية. فإذا نجحت المندوبية في تحقيق هذا الورش، فسيشكل ذلك نقلة نوعية نحو إدارة عمومية قائمة على العلم والمعطى الدقيق، لا على التقديرات السياسية أو الحسابات الضيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى