
أصدرت الجمعية الدولية للسوسيولوجيا بلاغا حاولت من خلاله نفي ما تم تداوله في بعض وسائل الاعلام بشأن دعمها لمشروع شبكة للمثليين ضمن فعاليات المنتدى المنعقد بمدينة الرباط. غير ان صياغة البلاغ، وطريقة تقديم الموقف، تكشف عن تلاعب لغوي وازدواجية في الخطاب، حيث يتضح في الفقرة الاخيرة ان الجمعية لا تنفي المضامين بقدر ما تبررها باسم حرية البحث والاعتراف بالتنوع.
تقول الجمعية في ختام بلاغها انها تلتزم بحوار مفتوح وتحترم مختلف السياقات الاجتماعية والثقافية، وهي صيغة مستعملة عادة لتبرير القبول الضمني بكل الاطياف الجنسية والافكار المرتبطة بالجندر، ولو كانت مستوردة ولا تعكس قيم المجتمعات المحلية. وهو ما يجعل النفي الوارد في مقدمة البلاغ اقرب الى موقف دفاعي ظرفي لا يغير من جوهر التوجهات.
لفهم هذا النوع من الخطاب، يمكن الرجوع الى مفهوم الهابتوس كما طرحه بيير بورديو، الذي يشير الى مجموع الميولات والانماط الثقافية التي يكتسبها الافراد داخل الحقل الاجتماعي، ويعاد انتاجها لا شعوريا عبر الممارسات. الجمعية لا تصوغ خطابا علميا محايدا، بل تمرر هابتوسا اكاديميا غربيا يرتكز على التطبيع مع مفاهيم مثل السيولة الجنسية، وتعدد الهويات الجندرية، وتقديمها كأنها موضوعات بحث علمي، في حين انها في الاصل محمولة بمنظور ايديولوجي واضح.
بهذا المعنى، تتحول الجمعية الى اداة لإعادة انتاج الهيمنة الرمزية تحت غطاء الاكاديمية، فتشرعن توجهات معينة وتقصي اخرى، وتفتح الباب امام اجندات ثقافية لا تنبع من حاجات المجتمعات، بل تفرض عليها من مراكز القرار المعرفي العالمي.
المجتمع المغربي لا يحتاج الى دراسات حول الميولات الجنسية او الهويات الجندرية، بل الى ابحاث ترتبط بواقعه الاجتماعي والاقتصادي، من قبيل الفقر، الصحة، التعليم، الهشاشة، العنف، التفاوتات، ومشاكل الشباب. اما استيراد قضايا مصطنعة تحت مسمى السوسيولوجيا، فليس سوى محاولة لفرض هابتوس ثقافي لا يعكس اولويات المواطن المغربي، بل يسعى الى اعادة تشكيل وعيه الرمزي وفق اجندات خارجة عن سياقه.