المغرب

إصلاح التقاعد… مفاوضات مستمرة بين الحكومة والنقابات ومسارات الخلل واضحة

تتجه الحكومة نحو عقد اجتماع جديد مع المركزيات النقابية يوم الخميس 17 دجنبر 2025، في خطوة تهدف إلى مواصلة النقاشات التقنية المتعلقة بإصلاح أنظمة التقاعد. الاجتماع يأتي بعد سلسلة لقاءات تمحورت حول محاولة التوصل إلى فهم دقيق لطبيعة أزمة صناديق التقاعد، وتحديد مكامن الخلل بدقة، بما يضمن مقاربة مشتركة بين الطرفين قبل اتخاذ أي قرارات إصلاحية.

وتظل النقاشات بين الحكومة والنقابات محكومة بفوارق في الرؤية حول طبيعة المشكلة، إذ تميل الحكومة إلى التركيز على مؤشرات مالية وإدارية، فيما تؤكد النقابات على البعد الاجتماعي وتأثير الإصلاحات المقترحة على الحقوق المكتسبة للمتقاعدين والعاملين على حد سواء. هذه التباينات لم تمنع الطرفين من المضي قدماً نحو التفاهم، لكن ما زال من المبكر التوصل إلى تصور موحد حول شكل الإصلاح المطلوب.

وتشير المعطيات إلى أن الاجتماعات المقبلة ستتسم بجدية أكبر في محاولة تقريب وجهات النظر، عبر دراسة التجليات الواقعية للأزمة وتحليل أسباب العجز أو الضغط على صناديق التقاعد، سواء على مستوى مساهمات الأجراء وأرباب العمل، أو من حيث توقعات الإنفاق المستقبلي. الهدف الأساسي هو التوصل إلى صيغة إصلاحية متوازنة تحافظ على استدامة الصناديق وتراعي في الوقت نفسه الحقوق المكتسبة، بما يحقق نوعاً من التوافق الاجتماعي.

ويُنتظر أن يشهد الاجتماع مناقشة تفصيلية حول مقترحات هيكلة نظام التقاعد، بما في ذلك احتمالات تعديل العمر القانوني للتقاعد، مراجعة نسب الاشتراكات، وضبط معايير الاستفادة، فضلاً عن التدابير المالية والإدارية اللازمة لضمان الاستدامة. في الوقت نفسه، ستعمل الأطراف على دراسة التجارب الدولية المماثلة، والاستفادة من الدروس المكتسبة في دول نجحت في موازنة الاستدامة المالية مع حماية المكتسبات الاجتماعية.

ويبقى السؤال الأكبر حول قدرة الطرفين على تجاوز الاختلافات العميقة في قراءة الأزمة، خصوصاً أن أي صيغة توافقية ستتطلب تنازلات متبادلة وإرادة سياسية واضحة من الحكومة، إلى جانب التزام النقابات بمبدأ الشفافية والمصداقية في الطرح والتمثيل. النجاح في هذه المفاوضات سيكون مفتاحاً لتحقيق استقرار صناديق التقاعد، وتفادي أي توترات اجتماعية محتملة قد تنتج عن إحساس الأجراء والمتقاعدين بعدم العدالة أو التوازن في الإصلاحات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى