المغرب

برلمان فوق المقاس… وميزانية تحت الصفر

مرة أخرى، تطل علينا بعض الأحزاب السياسية ببدعة جديدة: رفع عدد مقاعد البرلمان إلى أكثر من 495 مقعدا، بدعوى “تمثيل الشباب” و”توسيع حضور النساء”. لكن خلف هذه العبارات البراقة، يختفي الوجه الحقيقي للقصة: المزيد من الكراسي، المزيد من الامتيازات، والمزيد من النزيف المالي.

لنجري الحساب البسيط: كل برلماني يكلف الخزينة أكثر من 100 مليون سنتيم سنويا، تشمل راتبه، تعويضاته، سيارته، وسائقه، هذا إذا افترضنا أنه نزيه ولا يمد يده إلى الصفقات والمشاريع. فإذا أضفنا 100 برلماني إضافي، سنكون أمام فاتورة سنوية تساوي 10 ملايير سنتيم. على مدى خمس سنوات، يصل الرقم إلى 50 مليار سنتيم… مقابل ماذا؟ خطابات خشبية، ووعود كاذبة، وابتسامة موسمية كل خمس سنوات على مائدة عشاء انتخابي.

أما البرلمان الحالي بـ 400 عضو، فتجاوزت كلفته 200 مليار سنتيم، دون أن نذكر “التسريبات” والامتيازات الخفية التي لا تصل إلى أعين المواطنين. ومع ذلك، الحصيلة واضحة: مقاعد شبه فارغة، نواب غائبون، قوانين مهمة تمر في صمت، وبرلمان تحول إلى قاعة انتظار طويلة الأمد.

فهل نحتاج إلى برلمان أكبر لينام فيه المزيد من النواب؟ أم أننا بحاجة إلى نواب أقل عددا وأكثر حضورا ومساءلة؟ الحقيقة أن المشكل ليس في العدد، بل في غياب الضمير السياسي. لكن بعض الأحزاب اختارت الحل الأسهل: المزيد من الكراسي على حساب جيوب المواطنين، والمزيد من النوم المريح على حساب مستقبل بلد بأكمله.

النتيجة؟ برلمان مترهل، ميزانية مثقوبة، وشعب لا يجد سوى السخرية سلاحا لمواجهة عبث سياسي لا ينتهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى