الهجرة غير القانونية حرب بالوكالة على الاغنياء من طرف الفقراء

الدكتور أحمد الدرداري
يطرح موضوع الهجرة في ظروف دولية تعرف تحولات متسارعة وأزمات تربك حسابات الحكومات . وصعوبات أكثر تعقيدا ترتبط بالتحديات الأمنية لمواجهتها إضافة إلى ضعف المقاربة التنموية والحقوقية ، مما يجعل المهاجرين يتدفقون بأعداد كبيرة و معرضون للسقوط في شبكة الاتجار بالبشر والمخدرات والتنظيمات الإرهابية ..
والمغرب ينهج سياسة مرتبطة بالهجرة تتماشى مع الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية والتي تم اعتمادها في مؤتمر حكومي 10 دجنبر 2018 بمراكش حيث تم تأطير سياسة الهجرة بتوجيهات ملكية ، لاسيما الهجرة الإفريقية التي تشغل بال سلطات المملكة المغربية.
ذلك أنه تم إحداث مرصد إفريقي للهجرة تابع للاتحاد الإفريقي للنهوض بأوضاع المهاجرين بالمصاحبة و الاستباق والحد من تدفق المهاجرين نحو أروبا ..
والهجرة تكلف السلطات الأمنية مجهودات كبيرة ، حيث أن المغرب يتوفر على مديرية للهجرة وحماية الحدود، بوزارة الداخلية إضافة الى مؤسسات ذات الصلة بحقوق المهاجرين الى جانب المنظمة الدولية للهجرة …
ولمقاربة الهجرة القارية بالاعتماد على المعطى الجغرافي لكل من المكسيك والمغرب كبلدين يفصلان الشمال عن الجنوب ، رغم اختلاف وضعية البلدين هي نابعة من الرغبة في طرح وبشكل موضوعي للهجرة غير القانونية من زوايا مختلفة بغية إيجاد حلول موضوعية .خصوصا في ظروف دولية تنذر بارتفاع منسوب الهجرة نحو الشمال .
فالشعوب بدول الانطلاق واعية بعواقب الهجرة لكن الأسباب والحوافز أكثر إقناعا من الموانع القانونية والسياسية والأمنية .. فهي تعلم بمستوى العيش في دول الشمال ، كارتفاع الدخل وكتلة الأجور والحقوق الاجتماعية والحقوق الفردية والعائلية إضافة الى قوانين وأنظمة التأمين.
فدولة المكسيك يعيش بها 130مليون نسمة وتحد مع الولايات المتحدة جنوبا مما يجعل منها دولة عبور إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأعداد من مهاجري دول أمريكا اللاتينية يستحيل إيقافها باستخدام القوة العمومية وهذا يدل على أن الهجرة سواء عبر المغرب نحو أروبا أو نحو الولايات المتحدة عبر المكسيك هي مرتبطة بالتنظيمات الإجرامية كالاتجار في البشر والمخدرات والسلاح .
وأمام الأوضاع العالمية ونتيجة لتفقير دول الجنوب وأثار التبعية الاستعمارية وفي ظل استحالة إمكانية النهوض الشامل في عدد من دول الجنوب . لا يجد الأفراد في غياب حل للأزمة غير الهجرة والتمسك بها كحق طبيعي ، ومسؤوليتها ملقاة على عاتق الحكومات والأمم المتحدة.
فالهجرة غير القانونية قسمت الدول إلى :
– دول الانطلاق
– دول العبور
– دول متعاونة
-دول الاستقبال
– دول رافضة للهجرة
وأن العالم قابع في صراع حول الهويات والجنسيات والاقتصاديات، ويعرف حروبا بشرية وجودية تطالب بالحق في الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي .لكنها تبقى حقوقا تتطلب شروطا كالاستحقاق التاريخي والعلمي كوجهين محددين للحق في الوجود والاستفادة من التطور ونتائجه.
ذلك أنه رغم وجود المنظمة الدولية للهجرة ومؤسسات مرتبطة بالهجرة على الصعيد الوطني والإفريقي.
ما تزال الضوابط الناظمة للهجرة ضعيفة مع استمرار تخطى حدود الدول… بحيث هناك غياب للتحسيس وتتبع المهاجرين و معالجة المعلومة وغياب أماكن الايواء وغياب التنسيق بين كل الفعاليات الوطنية والدولية …
ومن جهة أخرى هناك جهات تعمل على استخدام المهاجرين كذروع لضرب أمن الدول والاتجار في البشر وتسهيل عملية عبور المهاجرين الى دولة جارة كما فعلت الجزائر حيث اطرت وساعدت الماهجرين الأفارقة على اختراق الحدود المغربية عبر حدود الجهة الشرقية باعداد كبيرة مدججة بالهراوات والأسلحة البيضاء في شكل تنظيم شبه عسكري ، مما سبب فاجعة نتيجة الاصطدام بين المهاجرين والقوات المغربية على مشاريف مدينة مليلية المحتلة .
وفي الولايات المتحدة الامريكية نجد قانون الهجرة قانون فدرالي منظم بقانون الهجرة والجنسية . كهجرة العائلة والتوظيف. والإبعاد عن الولايات المتحدة .
أما في إسبانيا فالهجرة هي من أجل العمل في القطاع الفلاحي أو الهجرة بدافع المعيشة .
ودور الأمم المتحدة غائب لأن هيئة الأمم المتحدة أوجدتها معايير القوة العسكرية للحرب العالمية الثانية ، وليس شئ أخر، وهي عاجزة عن فرض المساواة أو التحكيم المستقل . ولا تتوفر على سلطة تنفذ من خلالها القرارات ، ويبقى دورها غامض ولا يسمح بالقول بالديقراطية الأممية . وما يطغى على دورها هو إدارة حرب المصالح بطرق سلمية بين دول الفيتو . وعليه فالعالم مقبل على الإفلاس في ظل غياب التوازن بين الشمال الذي يستغل 90% من الثروات مع وجود 10% من الساكنة بينما الجنوب لايستغل سوى 10% من الثروات ووجود 90% من سكان العالم .
وبناء على ما سبق فإن الهجرة تتطلب :
-تغيير الحكومات لمواقفها من الهجرة والمهاجرين
– تفعيل حوار دولي حول الهجرة لكونها لم تتغير منذ 1964
– تفعيل حوار شمال جنوب حول التنمية بدول الانطلاق
– إعادة ضبط العلاقة الفلسفية بين القانون والواقع
– تنويع المقاربات بدلا من الاعتماد على المقاربة الأمنية لمعالجة قضية الهجرة كالاستثمار في العنصر البشري
– تخطى منطق بناء السياج الحدودي لكونه يزيد من تدفق المهاجرين
– تخصيص ميزانيات للدول التي تحولت من دول عبور إلى دول الاستقرار ، كالمغرب واستبدال دوره الدركي للهجرة وحماية الحدود الأوربية بدور الشريك.
– توفير ملاجئ الإيواء وتحسيس أفراد القوات العمومية بكيفية التعامل مع المهاجرين .
– إحداث شبكة للتواصل الإلكتروني بين سفراء الدول الإفريقية لتتبع حركة المهاجرين إلى جانب باقي الفاعلين ورصد تنقل المهاجرين جنوب الصحراء .