المغرب

المواطنون يرقعون الحفر بأموالهم الخاصة في غياب الحكومة

في مشهد يلخص معاناة ساكنة القرى والبوادي مع البنية التحتية المتدهورة، اضطر عدد من المواطنين إلى الترقيع اليدوي للطريق المليئة بالحفر باستعمال الإسمنت والوسائل البسيطة المتاحة لديهم. المبادرة جاءت من جيوبهم الخاصة، وبمجهوداتهم الفردية، بعدما انتظروا طويلا تدخل الجهات المسؤولة دون جدوى.

الصور المتداولة أظهرت أناسا عاديين، بملابس عمل متواضعة، وهم يخلطون الإسمنت ويملؤون الحفر في الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة. مشهد يعكس إحساسا عميقا بالمسؤولية الجماعية، لكنه يكشف في الوقت ذاته عن غياب تام لدور الحكومة والجماعات المحلية في صيانة الطرق التي تعد شريانا أساسيا للحياة اليومية والتنمية الاقتصادية.

في المقابل، تتجه الميزانيات العمومية إلى تنظيم مهرجانات وتظاهرات شكلية، بينما تظل الحاجات الأساسية للمواطنين في آخر سلم الأولويات. طرق محفرة، مدارس متهالكة، مراكز صحية شبه فارغة، ومواطن مجبر على أن يتحول إلى عامل أشغال عمومية ليؤمن مرور سياراته ودراجاته في طرق أقل ما يقال عنها إنها خطر دائم على الأرواح.

المفارقة المؤلمة أن الحكومة تبرر دوما ضعف التدخلات بنقص الموارد المالية، في حين يتساءل المواطنون: كيف نجد الملايين للمهرجانات والاحتفالات، ولا نجد درهما واحدا لإصلاح حفرة تبتلع عجلات السيارات وتعرض حياة الناس للخطر؟

هذه الصور ليست مجرد مبادرة محلية معزولة، بل هي رسالة احتجاج صامتة: إذا كانت الدولة غائبة عن واجبها الأساسي في تعبيد الطرق وصيانتها، فالمواطن سيقوم مقامها بما توفر له من إمكانيات بسيطة، حتى وإن كان الحل ترقيعيا لا يصمد طويلا أمام أول مطر أو مرور شاحنة ثقيلة.

المطلوب اليوم ليس مبادرات ترقيعية ظرفية، بل سياسة عمومية واضحة في تدبير البنية التحتية، تضع المواطن وحقوقه في مقدمة الأولويات، بدل الاستمرار في صرف الأموال على الترف والتفاهة بينما أبسط حقوق الناس مهملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى