
تعيش مدينة الصويرة هذه الايام على وقع نقاش واسع عقب الاعلان عن تنظيم المنتدى الدولي للنساء من اجل السلام بمشاركة شخصيات من جنسيات متعددة من بينها ناشطات من اسرائيل. هذا الاعلان اثار ردود فعل قوية داخل اوساط الجمعيات المغربية والهيئات النسائية التي سارعت الى التعبير عن رفضها لما اعتبرته محاولة جديدة لتمرير مشاريع تطبيعية تحت عناوين براقة مرتبطة بالسلام وحقوق الانسان.
المنتدى الذي يحمل في ظاهره شعار الدفاع عن قيم التعايش والتسامح والسلام، يثير في العمق مخاوف حقيقية من ان يتحول الى منصة لتلميع صورة الكيان الاسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية. فالكثير من الاصوات ترى ان استدعاء ناشطات اسرائيليات في هذا الظرف بالذات يمثل استفزازا للرأي العام المغربي الذي ما زال يعتبر فلسطين قضية مركزية غير قابلة للمساومة.
جمعيات نسائية بارزة مثل منتدى الزهراء للمرأة المغربية اصدرت بيانات دعت فيها بوضوح الى مقاطعة المنتدى، مؤكدة ان ما يجري على ارض فلسطين من قتل وتهجير وحصار لا يمكن تغطيته بخطابات السلام الشكلية. هذه الجمعيات اعتبرت ان المبادرات من هذا النوع لا تخدم قضايا النساء ولا العدالة الاجتماعية بل تسعى الى تسويق التطبيع كأمر عادي.
الخطورة حسب المنتقدين تكمن في ان هذه الانشطة توظف لغة حقوق الانسان والمساواة من اجل تلميع مشاريع سياسية موجهة اساسا لخدمة مصالح الاحتلال. ويتم تقديمها على انها مساحات للحوار النسائي العالمي بينما هي في الحقيقة محاولة لاضعاف الحركات النسوية التضامنية مع الشعب الفلسطيني.
الحملة الفلسطينية للمقاطعة الاكاديمية والثقافية لاسرائيل كانت بدورها واضحة في موقفها حيث دعت كل الفاعلين المغاربة الى مقاطعة المنتدى. واعتبرت ان هذه التظاهرة مجرد غطاء لتبييض جرائم الاحتلال وطمس حقيقة ما يتعرض له اكثر من مليوني فلسطيني في غزة المحاصرة وباقي الاراضي المحتلة.
الجدل الذي يرافق هذه النسخة من المنتدى يعكس مرة اخرى حساسية موضوع التطبيع داخل المغرب، ويظهر ان المجتمع المدني يظل متيقظا لكل المبادرات التي قد تمس الموقف التاريخي الداعم للحقوق الفلسطينية. وبينما يسوق المنظمون المنتدى على انه فضاء للتسامح والتعايش، تصر جمعيات وفعاليات عديدة على ان السلام الحقيقي لا يمكن ان يقوم الا على انهاء الاحتلال ورفع الحصار وضمان الكرامة للشعب الفلسطيني.




