العالمالمغرب

الملك محمد السادس بلور رؤية سياسية تجمع بين الحفاظ على الهوية ومتطلبات التطورات العالمية

منذ بداية عهده، وضع الملك محمد السادس أسس توجه سياسي جديد يقوم على التوفيق بين الأصالة المغربية والتحديات الحديثة، واضعا نصب عينيه ضرورة حماية الهوية الوطنية والدينية، وفي الوقت نفسه، الانخراط الواعي والمسؤول في مسار التطور العالمي. وقد اتسم هذا التوجه الملكي بالحكمة والبراغماتية، حيث سعى الى الحفاظ على وحدة الأمة وثوابتها، دون التفريط في ضرورة التحديث والتطور.

في هذا السياق، تم تعزيز مكانة إمارة المؤمنين كضامن للهوية الدينية والوطنية، في إطار إسلام وسطي معتدل، ينبذ الغلو والتطرف، ويكرس قيم التسامح والانفتاح. وأشرف الملك شخصيا على إصلاح الحقل الديني، وتكوين الأئمة، وتطوير التعليم العتيق، مع الترويج لنموذج مغربي في التدين أصبح مرجعا إقليميا وقاريا.

بموازاة ذلك، انخرط المغرب في دينامية اصلاحات دستورية ومؤسساتية عميقة، كان أبرزها دستور 2011، الذي كرس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية، ومنح صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، في انسجام مع تطلعات الشباب والمجتمع المدني. كما تم إطلاق ورش العدالة الانتقالية، وهيئة الإنصاف والمصالحة، في خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم العربي، لتعزيز المصالحة الوطنية وبناء دولة الحق والقانون.

وتماشيا مع التطورات العالمية، أولى الملك أهمية خاصة لقضايا الشباب والمرأة والعدالة الاجتماعية. وتم اعتماد سياسات عمومية تراعي النوع الاجتماعي، وتعزز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، في إطار مقاربة حقوقية وتنموية متوازنة.

كما حرص الملك محمد السادس على جعل المغرب فاعلا دوليا يحظى بالاحترام والمصداقية، من خلال تبني سياسة خارجية قائمة على التوازن، والانخراط في قضايا السلم والتنمية جنوبا وشمالا، مع الدفاع الثابت عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية.

إن هذه الرؤية السياسية الملكية، التي توفق بين الاصالة والمعاصرة، وبين الثوابت والتجديد، مكنت المغرب من تحقيق انتقال هادئ ومتدرج، حافظ على استقراره، وعزز مكانته كدولة ذات نموذج خاص في محيط مضطرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى