المغرب

المغرب يقود دبلوماسية رياضية جديدة عبر “مجموعة أصدقاء الرياضة والهجرة”

في خطوة تعكس الصعود الهادئ والواثق للدبلوماسية المغربية داخل المنتظمات الدولية، أعلن كل من الحكومة المغربية والمنظمة الدولية للهجرة، في 9 دجنبر 2025 بجنيف، عن الإطلاق الرسمي لمبادرة “مجموعة أصدقاء الرياضة والهجرة”، وهي آلية مبتكرة تسعى إلى تحويل الرياضة من مجرد نشاط ترفيهي إلى أداة استراتيجية في سياسات الهجرة والإدماج. هذه الخطوة تأتي لتؤكد الدور المتنامي للمغرب باعتباره فاعلاً دولياً يجمع بين الابتكار الدبلوماسي والرؤية الاجتماعية التقدمية.

يأتي تأسيس هذه المجموعة في سياق الطلب المتزايد من الدول الأعضاء عقب الفعالية التي نظمها المغرب والمنظمة الدولية للهجرة على هامش الدورة 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهناك، تبلور نقاش دولي حول الحاجة إلى أطر جديدة تتجاوز المقاربات الأمنية والتقنية في تدبير قضايا الهجرة، وتنتقل نحو أدوات أكثر إنسانية وفعالية، وفي مقدمتها الرياضة. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء منصة تطوعية للحوار وتبادل الخبرات بين الحكومات، بهدف إدماج الرياضة ضمن السياسات الوطنية للهجرة والإدماج الاجتماعي، وبما ينسجم مع روح الميثاق العالمي للهجرة الذي اعتمد بمراكش سنة 2018.

المبادرة الجديدة لا تنطلق من فراغ، بل تستند إلى تراكم مغربي طويل في توظيف الرياضة كعنصر للتماسك الاجتماعي، سواء داخل المغرب أو في علاقته بالمهاجرين المقيمين فيه. هذه الرؤية كانت واضحة في كلمة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، الذي شدد على أن هذه الخطوة “ليست مجرد مرحلة تقنية”، بل تعبير عن قناعة سياسية ترى في الرياضة لغة مشتركة تتجاوز الفوارق وتفتح آفاقاً للتقارب بين الثقافات. فالرياضة، كما أكد، قادرة على دعم إدماج المهاجرين، وتقوية مشاركة الشباب، والتخفيف من الهشاشة، وتعزيز التماسك داخل المجتمعات.

الأهمية الاستراتيجية للمبادرة تكمن في كونها توسع نطاق مقاربة الهجرة، لتشمل البعد الإنساني والثقافي، وتُشرك فاعلين جدد مثل الأندية الرياضية والجامعات والجمعيات الشبابية. كما أنها تمنح المغرب موقعاً متقدماً داخل المشهد الدولي في وقت تعرف فيه قضايا الهجرة حساسية متزايدة وتداخلات اقتصادية وأمنية واجتماعية معقدة.

من جهة أخرى، يشكل إطلاق هذه المجموعة اعترافاً دولياً بالدور الذي باتت تلعبه الدبلوماسية المغربية في الدفاع عن مقاربات شمولية للهجرة، قائمة على التوازن بين الحقوق والمسؤوليات، في إطار تعاون متعدد الأطراف يعتمد على الحلول العملية بدل الخطابات الفضفاضة. كما يعزز صورة المغرب كفاعل يسعى إلى تصدير تجاربه الناجحة في مجال الإدماج وابتكار حلول مستدامة وقابلة للتطبيق في بيئات مختلفة.

بهذه المبادرة، يفتح المغرب صفحة جديدة في الدبلوماسية الرياضية، ويقدم نموذجاً في كيفية تحويل أدوات ناعمة إلى آليات لتدبير أزمات معقدة. إنها رؤية تتجاوز الحدود التقليدية للدبلوماسية، وتمنح المغرب موقعاً ريادياً في بناء سياسات دولية أكثر إنسانية في مجال الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى