المغرب

المغرب يستعد لإطلاق “الرؤية الفلاحية 2050”.. هل نتعلم من فشل المخططات السابقة؟

يستعد المغرب خلال شهر نونبر المقبل لإطلاق دراسة كبرى ستشكل الأرضية الأولية لما سُمي بـ”الرؤية الفلاحية 2050″، بميزانية تناهز 10 ملايين درهم، وذلك في أفق تعويض مخطط “الجيل الأخضر” الذي يفترض أن يمتد إلى غاية 2030.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل يحتاج المغرب إلى رؤية جديدة أم إلى وقفة حقيقية لمحاسبة حصيلة المخططات السابقة، وعلى رأسها مخطط “المغرب الأخضر” ونسخته المعدلة “الجيل الأخضر”، اللذين لم يحققا وعودهما على أرض الواقع؟

فعلى الرغم من الشعارات التي رُوّجت حول تنمية العالم القروي، ورفع الإنتاج، وتحسين دخل الفلاحين الصغار، فإن الواقع اليوم يكشف العكس. آلاف الفلاحين الصغار تركوا أراضيهم بسبب شح المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وغياب دعم حقيقي يراعي أوضاعهم. أما المستفيد الأكبر فكان لوبيات زراعية كبرى راكمت الأرباح على حساب التوازن الاجتماعي والبيئي.

المخطط الأخضر الذي كان من المفترض أن يعزز الأمن الغذائي للمغرب، جعل البلاد أكثر هشاشة أمام تقلبات السوق الدولية، حيث ارتفعت فاتورة الاستيراد بشكل غير مسبوق، خاصة في الحبوب والزيوت والسكر، في حين ترك الفلاح البسيط يصارع وحده أزمات الجفاف وغلاء المدخلات الزراعية.

اليوم، ونحن على أعتاب “الرؤية الفلاحية 2050″، يخشى كثيرون أن تتحول هذه الدراسة الجديدة إلى مجرد ورق آخر يضاف إلى رفوف الوزارات، دون معالجة الاختلالات البنيوية التي يعرفها القطاع: هيمنة كبار المستثمرين، ضعف حكامة الموارد المائية، غياب عدالة مجالية، واستمرار تهميش الفلاحين الصغار الذين يمثلون العمود الفقري للفلاحة الوطنية.

إن أي رؤية مستقبلية، إذا أرادت النجاح، لا يمكن أن تبنى على تلميع الصور أو إعادة إنتاج نفس الأخطاء. المطلوب هو مصارحة حقيقية مع حصيلة “المغرب الأخضر” و”الجيل الأخضر”، واعتراف رسمي بأن هذه التجارب لم تحقق أهدافها، بل عمقت الفوارق الاجتماعية والمجالية في البادية المغربية.

الرؤية الفلاحية 2050 ستكون مجرد عنوان جديد ما لم تنطلق من أولويات واضحة: إنصاف الفلاح البسيط، ترشيد الموارد المائية، ضمان الأمن الغذائي، وإخضاع لوبيات الزراعة الكبرى للمحاسبة والمساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى