المغرب

المغرب يتجه نحو تقنين صارم لمنصات التواصل الاجتماعي: مشروع قانون وشيك لضمان السيادة الرقمية وحماية المجتمع

كشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، يوم الأربعاء 14 ماي 2025، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، عن قرب الانتهاء من إعداد إطار قانوني وطني شامل ومنسجم لتنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، في ظل التحديات المتصاعدة التي تفرضها هذه الوسائط على التماسك الاجتماعي والقيم المجتمعية.

وأكد الوزير أن هذا المشروع يأتي استجابة لحاجة وطنية ملحة إلى تنظيم الفضاء الرقمي وضبط ممارسات المنصات الأجنبية، التي أصبحت تؤثر بشكل مباشر في الرأي العام والسلوك الجماعي، دون أن تخضع لأي رقابة قانونية محلية.

❖ الاستلهام من التجربة الأوروبية: قانون الخدمات الرقمية (DSA)

وأوضح بنسعيد أن المشروع المغربي يستند في مرجعيته إلى عدد من النماذج الدولية المتقدمة، وفي مقدمتها قانون الخدمات الرقمية الأوروبي DSA، الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2023. ويُعد هذا النص، بحسب الوزير، من بين “أكثر القوانين تقدمًا عالميًا” في مجال تنظيم الخدمات الرقمية، حيث يفرض التزامات صارمة على المنصات فيما يتعلق بالشفافية، ومحاربة المحتوى غير القانوني، وضمان حماية المستخدمين، وخصوصًا القاصرين.

وسيشكل هذا القانون مصدر إلهام لتطوير رؤية وطنية تعتبر الفضاء الرقمي مسألة سيادة رقمية وحماية مجتمعية، وليس فقط مجالًا اقتصاديًا أو ترفيهيًا.

❖ بنود تنظيمية صارمة ومراقبة مباشرة

أبرز الوزير مجموعة من النقاط المحورية التي سيتضمنها القانون المنتظر، أبرزها:

  • تعريف دقيق لمفهوم “المنصة الرقمية” أو “منصة مشاركة المحتوى”.
  • إلزام المنصات بتعيين ممثل قانوني معتمد بالمغرب، شرطًا أساسيا لمخاطبة الجمهور المغربي أو الاستفادة من سوقه الإعلاني.
  • فرض التزامات قانونية واضحة تنظم العلاقة بين الدولة والفاعلين الرقميين.
  • تمكين السلطات من آليات رقابية عملية للتدخل عند الإخلال أو رفض التعاون، مع صلاحيات لفرض عقوبات رادعة.

❖ حماية القاصرين ومحاربة المحتوى الضار

وشدد بنسعيد على أن القانون الجديد سيشمل نظامًا صارمًا لمراقبة المحتوى، يفرض على المنصات استخدام آليات آلية وفعالة لرصد المحتويات الخطيرة، كالعنف، خطاب الكراهية، الأخبار الزائفة، وكل ما من شأنه الإضرار بالفئات الهشة، خصوصًا الأطفال والمراهقين.

كما سيلزم القانون هذه المنصات بما يلي:

  • تصنيف المحتويات بحسب الفئة العمرية.
  • تفعيل أدوات الرقابة الأبوية.
  • منع الإعلانات التي تستغل ضعف القاصرين أو تروج لمنتجات مضرة.
  • حذف أي محتوى يمس بالصحة النفسية أو السلوكية للأطفال.

❖ الشفافية الجبائية وتعزيز صلاحيات HACA

وفي جانب آخر، أكد الوزير أن المنصات التي تُدر أرباحًا عبر الإعلانات داخل المغرب ستكون مطالبة باحترام الشفافية الضريبية والتعاون مع المصالح المالية، تحت طائلة فرض قيود مالية في حالة الإخلال، بناء على توصيات المؤسسات الرقابية المختصة.

كما أعلن أن القانون سيُعزز صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (HACA)، لتضطلع بدور مركزي في مراقبة الفضاء الرقمي، ومواجهة المخاطر المرتبطة بالمحتوى الموجه للجمهور المغربي، خصوصًا الفئات الحساسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى