العالمالمغرب

المغرب وإسبانيا : من الجوار إلى الشراكة الاستراتيجية في مواجهة تحديات العولمة

في سياق عالمي يتسم بتصاعد التنافس الجيو-اقتصادي، لم تعد إسبانيا ترى في المغرب مجرد جار، بل شريك استراتيجي قادر على إحداث الفارق في قطاعات محورية كالصناعة والطاقة واللوجستيك. هذا ما خلصت إليه مقالة تحليلية للخبير الإسباني خوان أنطونيو فيدال، نُشرت تحت عنوان “المغرب وإسبانيا: حليفان استراتيجيان في مواجهة التنافسية العالمية”.ويبرز المقال أن المغرب، بفضل رؤيته الصناعية الطموحة، يرسّخ مكانته كفاعل صاعد في قطاع صناعة السيارات، مع خطط لمضاعفة إنتاجه في السنوات المقبلة. غير أن ما يمنحه تفوقاً استراتيجياً، هو انخراطه القوي في مشاريع الانتقال الطاقي، خصوصاً في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة، ما يجعله شريكاً مثالياً لإسبانيا، التي بإمكانها أن تتحول إلى منصة توزيع لهذه الطاقة نحو باقي أوروبا.العلاقة المغربية الإسبانية لم تعد تُختزل في المبادلات التجارية، بل تطورت إلى تعاون عميق يقوم على تكامل القدرات. فالتحديات المشتركة، تقتضي توحيد الجهود، خصوصاً في مجالات تكوين الكفاءات، والتعليم المهني، عبر برامج مشتركة، وشهادات مزدوجة، وتكوينات مهنية تستجيب لحاجيات الصناعة.ويؤكد التحليل أن المغرب يُمثل بوابة واعدة للشركات الإسبانية نحو الأسواق الإفريقية، في حين تستفيد المقاولات المغربية من الخبرة الإسبانية في الطاقة والبنية التحتية والرقمنة. وتُعتبر التحفيزات الضريبية، والصناديق الاستثمارية المشتركة، واتفاقيات حماية الاستثمارات، أدوات محورية لتسريع هذا التعاون.من جانب آخر، يرى المقال أن البنية اللوجستية المشتركة بين ميناء طنجة المتوسط وميناء الجزيرة الخضراء يجب أن تتحول من منطق المنافسة إلى منطق الشراكة، عبر تقليص العراقيل الإدارية، وتنسيق الإجراءات الجمركية، ورقمنة سلاسل العبور.الرهان الأكبر يظل في قطاع الطاقة، حيث يمكن للمغرب أن يكون مصدراً رئيسياً للهيدروجين الأخضر، فيما تضطلع إسبانيا بدور المعبر نحو أوروبا. تحقيق هذا الطموح يمر عبر تخطيط مشترك، واتفاقيات طويلة الأمد، واستثمارات في البنيات التحتية العابرة للحدود.ويقترح الكاتب إحداث منتدى أعمال دائم مغربي-إسباني، يُمثل منصة مؤسساتية لتنسيق السياسات الاقتصادية، وتجاوز الحواجز التجارية، وتوحيد الرؤى بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين.ويختم التحليل بالتأكيد على أن المغرب وإسبانيا ليسا فقط جارين على ضفتي المتوسط، بل هما مفاتيح عبور نحو مستقبل مشترك بين أوروبا وإفريقيا، لا يمكن بلوغه إلا عبر شراكة جريئة، متوازنة، وطويلة النفس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا