المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بوزان.. مشاريع سياحية مبتكرة تعزز إدماج الشباب وتنمية القرى

تستمر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم وزان في تعزيز حضورها الفاعل في دعم الفئة الشابة الحاملة لأفكار مشاريع مبتكرة، وذلك عبر تبني منظومة دعم متكاملة تفتح آفاقا جديدة أمام الابتكار والاندماج المهني.
في سياق هذا التوجه، توجت جهود البرنامج الثالث، المخصص لرفع مستوى الدخل ودمج الشباب في المنظومة الاقتصادية، بسلسلة من المشاريع ذات البعد السياحي، تم إطلاقها بجماعات مقريصات وإبريكشة وأزغيرة. هذه المبادرات، التي ترتكز على استثمار الغنى الطبيعي والثقافي المحلي، أسهمت في تحويل مناطق شبه مهملة إلى فضاءات جذب سياحي، وفتحت أبواب الرزق أمام السكان، خصوصا الشباب.
أكدت كوثر الوكيلي، المسؤولة بقسم العمل الاجتماعي بالإقليم، أن سلسلة من الجولات التقييمية والميدانية نظمت تزامنا مع مناسبات وطنية رمزية، كذكرى عيد العرش، وعيد الشباب، وذكرى ثورة الملك والشعب، بهدف معاينة أرض الواقع وقياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه المشاريع. وأشارت إلى أن المبادرة تركز على إحياء السياحة القروية من خلال دعم تهيئة وتجهيز مراكز استقبال سياحية، ما مكن من خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، وساهم في تقوية الاقتصاد المحلي.
من بين النماذج الرائدة في هذا المجال، يبرز مأوى “نادي جبلي” بمقريصات، كتجربة متقدمة تجمع بين السياحة البيئية والفن التشكيلي. المشروع، الذي بُني باستخدام مواد محلية وتقنيات بناء تقليدية، يعكس وعيا عميقا بالاستدامة البيئية، ويقدم نموذجا لسياحة مندمجة تحترم النسيج البيئي والاجتماعي.
يوضح علاء حميوي، صاحب المشروع، أن “نادي جبلي” الذي انطلق قبل عشر سنوات، تحول إلى وجهة سياحية مميزة، يستقطب زوارا من أكثر من 46 دولة، وينظم أنشطة تفاعلية في الهواء الطلق مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وركوب الخيل. ويعرب عن طموحه بجعل الجماعة محطة سياحية وطنية بارزة.
أما كمال لحلو، فقد استفاد من دعم المبادرة لتطوير مأوى “ابتسام نعمات” بأزغيرة، الذي يعرف إقبالا متزايدا من الزوار المغاربة والأجانب. ويؤكد أن تحسين الشبكة الطرقية وتطوير البنيات التحتية سيمكن المشروع من توسيع قاعدته الجماهيرية، ويعزز من مكانة المنطقة في خريطة السياحة القروية.
من جهتها، تمكنت عزيزة المجاهد من ترجمة حلمها إلى واقع ملموس من خلال إحداث مأوى “النجمة الجميلة” قرب سد الوحدة. يمتاز هذا الفضاء بطابعه العائلي، وإطلالته البانورامية على البحيرة، وجوه الهادئ المتناغم مع الطبيعة، ما جعله وجهة مفضلة لعدد كبير من الزوار، ورافعة للتنمية المحلية.
وبحسب معطيات قسم العمل الاجتماعي بالإقليم، فقد تم دعم 94 مشروعا في إطار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، منها 31 مشروعا تقودها نساء، بتمويل إجمالي بلغ 9,68 مليون درهم. هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الدعم المادي، بل تشير إلى تحوّل استراتيجي نحو تمكين الفئات المهمشة، وتمكينها من أدوات الإنتاج والاندماج الاقتصادي.
من خلال هذه الديناميكية، ترسخ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية موقعها كفاعل تنموي أساسي، لا يكتفي بتمويل المشاريع، بل يبني قدرات، ويخلق بيئات محفزة للابتكار، ويعزز القيمة المضافة المحلية. إنها ليست مجرد مبادرة دعم، بل نموذج تنموي يدمج البعد الاقتصادي مع البعد الاجتماعي، ويجعل من تثمين الموارد الترابية أداة لتحقيق تنمية بشرية شاملة ومستدامة.
في هذا السياق، لم تعد الصحافة مجرد ناقل للمعلومة، بل أصبحت منصة لتعميق الفهم حول آليات التحول المجتمعي، وتسليط الضوء على التجارب الناجحة التي تعيد تشكيل مستقبل المناطق الهشة.