المغرب

القوات المسلحة الملكية تتسلم رسميا برج “دار البارود” التاريخي بمدينة طنجة في خطوة لتعزيز الذاكرة العسكرية الوطنية

في خطوة رمزية ذات بعد تاريخي واستراتيجي، تسلمت القوات المسلحة الملكية برج “دار البارود” بمدينة طنجة، وهو أحد أبرز المعالم العسكرية القديمة التي تحتضنها المدينة، ويمثل جزءا من الذاكرة الدفاعية المغربية المرتبطة بمراحل متعددة من تاريخ المملكة

ويأتي هذا التسليم في سياق جهود مؤسساتية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على التراث العسكري المغربي، وتثمين المعالم التاريخية ذات الطابع الدفاعي التي شكلت لعقود من الزمن جزءا من الهوية الوطنية. وقد تم تنفيذ هذه الخطوة بالتنسيق بين السلطات المحلية، والمصالح المكلفة بالتراث، وقيادة القوات المسلحة الملكية، في إطار رؤية شمولية تعزز العلاقة بين الماضي والحاضر في خدمة الذاكرة الجماعية للمغاربة

برج “دار البارود” ليس مجرد معلمة أثرية، بل هو شاهد صامت على أزمنة المقاومة والتحصين والدفاع عن السيادة، وقد لعب أدوارا متعددة في تأمين مدينة طنجة خلال مراحل تاريخية مختلفة، نظرا لموقعه الاستراتيجي الذي يطل مباشرة على البحر الأبيض المتوسط، ويمنح مراقبة دقيقة لمداخل المدينة الشمالية

وقد تم تجهيز المعلمة على مدى الأشهر الماضية بعمليات ترميم وصيانة دقيقة، همت جدرانه وأسوار الحماية القديمة والمدافع البرونزية المتبقية، مع الحرص على الحفاظ على خصوصيته المعمارية الأصلية، وإعادة الاعتبار لوظيفته الرمزية كفضاء عسكري ومعرفي في الآن ذاته

ومن المنتظر أن يعمل الجيش المغربي، من خلال المصالح المختصة، على تحويل هذا الفضاء إلى نقطة إشعاع ثقافي وتاريخي، حيث سيتم فتحه في وجه العموم في مناسبات وطنية وموسمية، ليطلع الزوار، خاصة الشباب وطلبة المدارس، على المراحل التي قطعتها المملكة في مجال الدفاع الوطني، وعلى رمزية المعالم التي شكلت جزءا من تحصين البلاد ضد الأطماع الخارجية

وتندرج هذه الخطوة أيضا ضمن الاستراتيجية العامة للمؤسسة العسكرية التي تولي أهمية متزايدة للأرشفة والتوثيق ونقل الذاكرة، باعتبارها ركائز أساسية لتعزيز الشعور الوطني وربط المواطن بتاريخ بلاده العريق، مع ما يقتضيه ذلك من حماية للمآثر وصيانة للمعالم التي تؤرخ لحقب مفصلية في بناء الدولة المغربية الحديثة

وتشكل مبادرة تسلم “دار البارود” دليلا إضافيا على التوجه المغربي الراهن نحو إعادة الاعتبار للتاريخ العسكري الوطني، ليس فقط كجزء من الذاكرة، ولكن أيضا كعنصر مكوّن للهوية الجماعية، وعامل لتقوية الارتباط بين الأجيال المتعاقبة وماضيها المجيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى