المغرب

عراك تحت قبة البرلمان يعيد احياء الصراع القديم بين العدالة والتنمية والاصالة والمعاصرة

اعاد التوتر الذي وقع داخل البرلمان بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي ونواب من حزب العدالة والتنمية الى الواجهة تاريخا ممتدا من الحساسية السياسية بين الحزبين. فالواقعة، رغم طابعها الانفعالي السريع، ليست حدثا منفصلا عن سياق اقدم، بل هي امتداد لمسار طويل من التنافس والصراع بين مشروعين مختلفين داخل الساحة الحزبية المغربية. فمنذ بروز حزب الاصالة والمعاصرة في المشهد السياسي، تبلورت علاقة مشحونة بينه وبين العدالة والتنمية، علاقة ارتبطت بالمرجعيات المتباينة وبطموح كل طرف في ترسيخ موقعه داخل الحياة السياسية. تراكمت محطات المواجهة بين الطرفين خلال الاستحقاقات الانتخابية وفي البرلمان وفي النقاش العمومي، ما جعل كل لقاء بينهما داخل مؤسسة تشريعية يتسم بحساسية خاصة، ويستحضر بشكل تلقائي ذاكرة سياسية ثقيلة.

عبد اللطيف وهبي، بصفته احد الوجوه البارزة داخل الاصالة والمعاصرة، كان طرفا في العديد من السجالات السياسية منذ سنوات، سواء في مرحلة كان فيها العدالة والتنمية يقود الحكومة او خلال فترات اخرى. لذلك فإن النقاش بينه وبين نواب العدالة والتنمية خلال الجلسة لم يكن مجرد اختلاف حول معطيات معينة، بل كان مشحونا بترسبات قديمة يصعب فصلها عن اللحظة. ومع ذلك يبقى حضور العدالة والتنمية في الجلسة جزءا من دوره الرقابي الطبيعي داخل البرلمان، كما ان ردود وزير العدل تعبر عن اسلوبه السياسي المعروف والمباشر، وهو اسلوب كثيرا ما يولد توترا في النقاشات الحادة.

تدخل وزير الداخلية لإخراج وزير العدل من القاعة جاء في سياق تهدئة الاجواء وضبط النظام داخل الجلسة، وهو تدخل يحمل رمزية واضحة مفادها ان التوتر تجاوز الحدود الطبيعية للنقاش البرلماني. وفي الوقت نفسه يعكس هذا المشهد حجم التأثير الذي ما زال يمارسه التاريخ السياسي للعلاقة بين الحزبين، رغم تغير مواقع كل طرف داخل الخارطة السياسية خلال السنوات الاخيرة.

ما حدث داخل قبة البرلمان ليس سوى لحظة جديدة من مسلسل طويل، يؤكد ان العلاقة بين العدالة والتنمية والاصالة والمعاصرة لا تزال محكومة بموروث ثقيل من عدم الثقة. ورغم اختلاف ظروف اليوم عن سياقات الامس، الا ان هذا التوتر يبرز الحاجة الى اعادة بناء قواعد نقاش سياسي اكثر هدوءا ومسؤولية، حتى لا تتحول مؤسسة تشريعية يفترض ان تكون فضاء للنقاش العمومي الرصين الى ساحة تتجدد فيها المواجهات القديمة كلما ارتفعت نبرة الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى