المغرب

الصحراء المغربية ودورها في المقاومة تاريخيا

تعتبر الصحراء المغربية جزءا لا يتجزأ من الكيان الوطني للمغرب. فهي لم تكن في يوم من الايام مجرد مجال جغرافي معزول، بل كانت فضاء استراتيجيا لعب ادوارا كبيرة في التاريخ السياسي والديني والعسكري للمملكة المغربية منذ قرون طويلة. فقد ارتبطت قبائلها بالعرش المغربي من خلال روابط البيعة والولاء، وأسهمت في تثبيت وحدة البلاد في مواجهة كل محاولات الغزو الخارجي.

مع بداية التوسع الاستعماري في القرن التاسع عشر، برزت الصحراء المغربية كجبهة مقاومة قوية، حيث رفض ابناؤها السيطرة الاسبانية والفرنسية، وواجهوا محاولات الاحتلال ببسالة كبيرة. وكان من ابرز رموز هذه المرحلة الشيخ ماء العينين، الذي رفع راية الجهاد ودعا القبائل الى الاتحاد لمقاومة التدخل الاجنبي. وخاضت القبائل الصحراوية معارك مشهورة مثل معركة السمارة ومعارك وادي الذهب، التي رسخت مكانة الصحراء كحصن منيع في الدفاع عن استقلال المغرب.

لم يقتصر دور الصحراء على المقاومة المسلحة، بل كانت كذلك مركزا للزوايا والطرق الدينية، التي ساهمت في ترسيخ الروابط الروحية والسياسية بين الصحراويين وباقي مناطق المغرب. فكانت الزوايا تعمل على نشر العلم والدين، وتقوية اللحمة الوطنية بين مختلف القبائل، وهو ما منح المغرب عمقا استراتيجيا عزز صموده في وجه الاستعمار.

وبعد استقلال المغرب سنة 1956، واصل الصحراويون دورهم في معركة استكمال الوحدة الترابية، الى ان جاءت المسيرة الخضراء سنة 1975، التي مثلت تتويجا لنضال طويل، وجسدت ارتباط الشعب المغربي بارضه الصحراوية ووحدته حول العرش في ملحمة سلمية اعادت الصحراء الى الوطن الام.

وهكذا، يظهر من خلال استعراض مختلف المحطات ان الصحراء المغربية لم تكن فقط مجالا جغرافيا، بل كانت دائما فضاء للمقاومة، ومصدرا لقيم البطولة والوفاء للوطن، ومكونا اساسيا من مكونات الهوية المغربية، وركيزة من ركائز وحدته الترابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى