الصحراء المغربية وبقية الاقاليم في مواجهة الاستعمار

لم تكن الصحراء المغربية خلال فترة الاستعمار الاسباني معزولة عن بقية التراب الوطني، بل كانت جزءا من جسد واحد قاوم الاحتلال الفرنسي والاسباني في كل مكان. فالتاريخ يشهد على ان اهل الصحراء تواصلوا مع اخوتهم في الشمال والوسط والشرق، وتبادلوا الدعم والرجال والافكار في معركة التحرر الوطني.
الاستعمار الاسباني في الصحراء ارتكب جرائم بشعة من قتل وتشريد وتعذيب، لكنه واجه مقاومة شرسة استمدت قوتها من هذا الارتباط العميق ببقية الاقاليم. فمجاهدو الصحراء كانوا على تواصل دائم مع المقاومين في الجنوب الشرقي وسوس والاطلس، ومع الحركات الوطنية التي قاومت الاستعمار الفرنسي في باقي انحاء المغرب.
من بين الاسماء التي برزت في مقاومة الاستعمار بالصحراء نجد الشيخ ماء العينين الذي جمع بين القيادة الدينية والسياسية، وقاد تحركات مقاومة ربطت بين الصحراء وبقية التراب المغربي. كما برز محمد الأغظف الداودي الذي شارك في معارك ضد الاحتلال في الجنوب الشرقي، وسيد احمد الركيبي الذي قاد هجمات ضد القوات الاسبانية. كذلك لعب ابناء قبائل مثل الرقيبات وايت باعمران دورا كبيرا في دعم مقاومة الاطلس وسوس بالرجال والسلاح.
لقد جسدت هذه الاسماء ومعها الكثير من الرجال والنساء وحدة المصير، حيث كانت قوافل الدعم تسير عبر الصحراء، وتنقل معها السلاح والمؤونة والرجال. كما كان ابناء الصحراء يشاركون في المعارك الكبرى التي شهدتها مناطق اخرى، تأكيدا على ان معركة الحرية كانت واحدة، وان هم الوطن كان واحدا.
هذه الروابط التاريخية بين الصحراء وبقية الاقاليم تدحض كل الادعاءات الاستعمارية التي حاولت عزل المنطقة وقطعها عن امتدادها المغربي. فالمقاومة لم تعرف الحدود المصطنعة، بل توحدت حول قيم الحرية والدفاع عن السيادة والوحدة.
ان استحضار جرائم الاستعمار الاسباني بالصحراء يجب ان يكون ايضا مناسبة لتذكير الاجيال ان المغاربة واجهوا الاستعمار كتلة واحدة، وان وحدتهم هي سر قوتهم. واليوم، كما بالامس، تظل الصحراء جزءا لا يتجزأ من الوطن، تشهد بتاريخها على وحدة التراب ووحدة النضال.